كلمه عن رمضان
الحمد لله رب العالمين و الصلاه والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الامين.
ايها الاخوه الكرام نحن في شهر التوبه يقول الله عز وجل:
﴿ والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما ﴾
[النساء:27]
وقد قال عليه الصلاه والسلام:
لله افرح بتوبه عبده من الضال الواجد والعطيل الوالد والظمان الوارد
وقد صور النبي عليه الصلاه والسلام صوره معبره اصدق تعبير وصف ذكر عن بدوي اعرابي
يقطع الصحراء على ناقته وعليها زاده وطعامه وشرابه فاراد ان يستريح استيقظ فلم يجد الناقه
؛ ايقن بالهلاك فجلس يبكي الى ان ادركه النعاس فنام فافاق فراى الناقه ؛ فاختل
توازنه من شده فرحه؛ فقال: يارب انا ربك و انت عبدي. يقول عليه الصلاه والسلام:
لله افرح بتوبه عبده من ذلك البدوي بناقته.
عن الحديث الصحيح
((فالله عز وجل افرح بتوبه عبده المسرف من ذلك الرجل براحلته حين وجدها))
[رواه ابو يعلى عن ابي موسى الاشعري ]
فنحن في شهر التوبه في شهر المغفره :
(( من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))
[رواه البخاري عن ابو هريره ]
و
((من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))
[اخرجه البخاري ومسلم عن ابي هريره ]
فصيام رمضان وقيام رمضان؛ سببان كافيان لمغفره الذنوب التي بينك وبين الله فقط؛ لان حقوق
العباد مبنيه على المشاححه بينما حقوق الله مبنيه على المسامحه ؛ ما بينك وبين الله
يغفر في رمضان وما بينك وبين العباد؛ يجب ان يعفو صاحب الحق او ان تؤدي
له الحق بالتمام والكمال.
ايها الاخوه الكرام مع مضي السنوات والعقود؛ انقلب رمضان عند عوام الناس الى تقاليد وعادات
بل الى فولكلور؛ فرمضان شهر الولائم شهر اللقاءات شهر السهرات الرمضانيه شهر السهر حتى السحور
اراد الله شيئا و اراد العباد شيئا؛ اراد الله شهرا تحكم علاقتك بالله تصطلح مع
الله؛ تضبط جوارحك تضبط اعضاءك تضبط دخلك تضبط انفاقك تضبط لسانك تضبط عينيك تضبط اذنك
اراد الله من هذا الشهر؛ ان تكون في اعلى درجه من القرب اراد الله في
هذا الشهر ان ينقلك من الجهل والوهم الى انوار المعرفه والعلم من وحول الى جنات
القربات فاذا عكست الامر؛ جعلت رمضان مناسبه اجتماعيه مناسبات اجتماعيه متابعه مسلسلات سهرات حتى الفجر؛
هذا الذي ما اراده الله عز وجل اراده شهر قرب اراده شهر مغفره اراده شهر
اقبال اراده شهر اخلاص فانت امام فرصه ذهبيه سماويه :
(( من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))
[رواه البخاري عن ابي هريره ]
((من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))
[اخرجه البخاري ومسلم عن ابي هريره ]
صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر؛ فقال: امين. صعد الدرجه الثانيه ؛ فقال: امين.
صعد الدرجه الثالثه ؛ فقال: امين فلما انتهت الصلاه ؛ سالوا النبي عليه الصلاه والسلام؛
قال احدهم: يا رسول الله علام امنت؟ قال: جاءني جبريل. فقال لي: رغم انف عبد
ذكرت عنده فلم يصل عليك. فقلت: امين ثم في الدرجه الثانيه ؛ فقال لي: قال
رغم انف عبد ادرك والديه فلم يدخلاه الجنه . فقلت: امين يعني بر الوالدين ايضا
سبب كاف لدخول الجنه ثم قال: ثم جاءني جبريل؛ فقال: رغم انف عبد ادرك رمضان
فلم يغفر له ان لم يغفر له فمتى؟!
عن الحديث الحسن:
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رقي المنبر فقال
((: امين امين امين ‘. فقيل له: يا رسول الله ! ما كنت تصنع هذا؟!
فقال: ‘ قال لي جبريل: ارغم الله انف عبد – او بعد – دخل رمضان
فلم يغفر له فقلت: امين. ثم قال: رغم انف عبد – او بعد – ادرك
والديه او احدهما لم يدخله الجنه فقلت: امين. ثم قال: رغم انف عبد – او
بعد – ذكرت عنده فلم يصل عليك. فقلت: امين ثم قال لي: ثم جاءني جبريل؛
فقال لي: رغم انف عبد ادرك رمضان فلم يغفر له ان لم يغفر له فمتى؟!))
[عن ابي هريره ]
فيا ايها الاخوه الامر بيدكم انتم مخيرون؛ من ضبط نفسه في هذا الشهر كان هذا
اعون له على ان يتابع ضبط نفسه طوال العام كان الله عز وجل اصطفى رمضان
ليكون فيه الصفاء ليكون فيه القرب وليكون فيه الاقبال ولينسحب هذا الصفاء والقرب و والاقبال
على اشهر العام؛ يعني شهر نموذجي يجب ان ينسحب ثم اصطفى الله بيت الله الحرام؛
اصطفى زمانا هو رمضان؛ لتكون كل اشهر العام على شاكله رمضان نحن في العيد نفطر
نفطر بالطعام والشراب اما غض البصر ضبط اللسان ضبط السمع صلاه الفجر في جماعه صلاه
الليل في جماعه تلاوه القران انفاق الاموال هذا الذي كان في رمضان ينبغي ان ينسحب
على بقيه اشهر العام هكذا. فاصطفى الله رمضان ليكون هذا الصفاء منسحبا على كل الاشهر
واصطفى بيت الله الحرام لينسحب الصفاء هناك على كل الامكنه ؛ انسان حي في الحي
اصطلح مع الله واقبل عليه واحبه عاد الى بيته يجب ان يكون مكانه في اقامته
كما كان في الحج.
واصطفى سيد الانام عليه الصلاه والسلام ليكون البشر كلهم على شاكلته هو قدوه :
﴿ لقد كان لكم في رسول الله اسوه حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الاخر
وذكر الله كثيرا﴾
[الاحزاب: 21]
ايها الاخوه الكرام الدهماء عوام الناس يدعون الطعام والشراب فقط وليس لهم من صيامهم الا
الجوع والعطش هذا صيام البهائم والمؤمنون يدعون كل المعاصي والاثام عندئذ يقبضون الثم ن في
صلاه التراويح؛لانه في عندنا عباده تعامليه وعباده شعائريه العباده التعامليه ان تكون صادقا وامينا ومنصفا
وعادلا ورحيما…الخ من الكمالات التي ينبغي ان يتحلى بها المؤمن هذه عباده تعامليه ؛ صدق
الحديث اداء الامانه صله الرحم حسن الجوار الكف عن المحارم والدماء الصدق في الاقوال والافعال
الخ. العباده الشعائريه ؛ ان تقف وتقرا وتركع وتسجد هذه الصلاه عباده شعائريه ان تدع
الطعام والشراب؛ عباده شعائريه ان تذهب الى بيت الله الحرام؛ تطوف وتسعى تقف في عرفات؛
عباده شعائريه ؛ العباده الشعائريه ليس لها مردود نفعي دنيوي اطلاقا اما العباده التعامليه ؛
لو جاء انسان كافر ملحد؛ اخذ منهاج الله التعاملي؛ وطبقه؛ قطف ثم اره وهذا ما
يفعله الغرب هم ادركوا بذكائهم ان الصدق اربح اربح من دولار الصدق والامانه والاتقان و…
فطبقوا الاسلام دون ان يشعروا طبقوه لا على انه منهج تعبدي طبقوه على انه منهج
نفعي فالمنهج التعاملي؛ اي انسان طبقه قطف ثم اره اما المنهج الشعائري لا يمكن ان
تسعد به الا ان كنت في التعامليات مستقيما اوضح دليل على ذلك النبي عليه الصلاه
والسلام حينما سال اصحابه:
اتدرون من المفلس؟ فقال اصحابه الكرام يعني حسب ما يعرفون قالوا : المفلس من لا
درهم له ولا متاع فقير يعني فقال: لا؛ المفلس من اتى بصلاه وصيام وصدقه ؛
وقد ضرب هذا واكل مال هذا و شتم هذا؛ فياخذ هذا من حسناته وهذا من
حسناته فاذا فنيت حسناته؛ طرحوا عليه سيئاتهم حتى يطرح في النار.
عن الحديث الصحيح:
((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: اتدرون ما المفلس ؟ قالوا:المفلس فينا من
لا درهم له ولا متاع قال:ان المفلس من ياتي يوم القيامه بصلاه وصيام وزكاه وياتي
قد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا
من حسناته وهذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى ما عليه اخذ من
خطاياهم فطرحت عليه ثم يطرح في النار))
[اخرجه مسلم والترمذي عن ابي هريره ]
ايها الاخوه الكرام ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ انهم قالوا له: ان
فلانه تذكر انها تكثر من صلاتها وصيامها وصدقتها غير انها تؤذي جيرانها بلسانها قال هي
في النار.
عن الحديث الصحيح:
((ان رجلا قال يا رسول الله ان فلانه ذكر من كثره صلاتها وصيامها غير انها
تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار))
[عن ابي هريره ]
وذكر ان امراه دخلت النار في هره حبستها لا هي اطعمتها ولا هي تركتها تاكل
من خشاش الارض.
عن الحديث الصحيح:
(( عذبت امراه في هره ربطتها لم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تاكل من خشاش
الارض ))
[رواه البخاري عن ابي هريره رضي الله عنه]
((ان رجلا قال يا رسول الله ان فلانه ذكر من كثره صلاتها وصيامها غير انها
تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار ))
[صحيح عن ابو هريره رضي الله عنه]
فالملاحظ ان المنهج التعاملي هو الاصل فاذا صح المنهج التعاملي صح المنهج الشعائري. يعني انت
ان لم تدرس؛ ما معنى ان تدخل الى قاعه وتجلس على طاوله وتعطى قلم وورقه
ماذا تفعل بالقلم والورقه ان لم تدرس اطلاقا؟! ما فتحت كتابا فالعباده الشعائريه لا معنى
لها من دون عباده تعامليه لا معنى ان تقول الله اكبر وانت ترى ان اي
جهه ارضيه تطيعها وتعصي الله؛ تناقضت مع نفسك.
انا ارى ان اكبر انهيار داخلي هو ان تكون في الظاهر شيء وفي الباطن شيء
انت تقول الله اكبر معنى الله اكبر؛ اكبر من كل شيء فانت اطعت زوجتك وعصيت
الله عز وجل اطعت شريكك وعصيت الله اطعت من هو فوقك في العمل وعصيت الله
اذن انك لم تقل الله اكبر ولا مره ولو رددتها بلسانك الف مره . يعني
هو مع مضي الزمن هذه العبارات الاسلاميه الرائعه ؛ قد تفرغ من مضمونها؛ يعني صار
الاسلام شكلا كان مضمونا صار شكلا كان منهجا صار شعائرا صار مظاهر صار عادات صار
تقاليد؛ هذا الذي لا يريده الله عز وجل فارجو الله تعالى ان يعيننا في هذا
الشهر؛ ان نصوم الصيام الذي يريده الله تعالى لان الله عز وجل يقول:
﴿ وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ﴾
[سوره النور: 55]
فاذا ما مكنا في الارض ولم ينزل علينا من خيرات السماء معنى ذلك انه لم
يرض لنا ديننا الذي اتخذناه ديننا لم يقبله الله عز وجل فاذا قبله؛ يقول الله
عز وجل:
﴿ ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم وكان الله شاكرا عليما ﴾
[النساء:147]
والحمد لله رب العالمين