اضداد الكلمات
هي نوع من الاشتراك البوليسيمي او الهومونيمي ولكن تتميز عنهما بان معنيي كل لفظ من
الاضداد متضادان بينما معاني كل لفظ من المشترك مختلفان.
تعريفالضد:
هو كل جذر او كلمه ذات اشتراك بوليسيمي او كل كلمتين ذواتي اشتراك هومونيمي تفيد
معنيين متضادين او شبه متضادين.
الاختلاف حول الاضداد
الاختلاف حول وجودها
اختلف العلماء حول وجود ظاهره الاضداد في اللغه فهناك فئه قليله من العلماء انكرت وجود
هذه الالفاظ ولكن جمهره علماء العربيه يقرون بوجودها في المعجم العربي.
رايالمنكرين
ابن درستويه: وكان من اشهرهم انكارا لوجود الاضداد وحجته في ذلك قوله بان اللغه توقيف من
الله عز وجل والاشتراك اللفظي والاضداد يؤديان الى الابهام والغموض وهذا محال في حكمه الله
وذلك ان يجعل في اللغه ما يفسد وظيفتها الاصليه وهي الافهام والايضاح. وحاول ابن درستويه
عندما ووجه بعدد من امثله الاضداد ان يفسر سبب الضديه ليصل الى انه لا يوجد
اضداد من اصل الوضع. اذن هو لا ينفي الاضداد مطلقا ولكن ينفي وجودها من اصل
الوضع.
النقد: تفسير الاضداد لا يعنى بالضروره نفيها ولكن يثبت ان التضاد قد وجد في مرحله
ما من تاريخ اللغه وشواهدها موجوده فعلا في الشعر والقران الكريم والحديث الشريف وغير ذلك
من نصوص العربيه . اذن تفسير الاضداد قد ينفي وجودها في (اصل الوضع) ولكنه لا
يقوم دليلا على عدم وجودها في مرحله ما من تاريخ اللغه لانها كما سنعرف تتولد
عن تغييرات صوتيه او دلاليه .
تاج الدين الارموي:انكر الاضداد معتمدا على حجه عقليه بسيطه هي ان النقيضين لا يوضع لهما لفظ واحد.
وكلامه هذا يتعلق ايضا بالوضع الاول وهذا الامر لا نعرف عنه شيئا وهو يجرنا الى
تاريخ موغل في القدم يتجاوز بنا تاريخ الساميات الى ما قبلها.
الجواليقي:– انكر الاضداد مدعيا ان المحققين من علماء العربيه ينكرون الاضداد. ونحن نسال من عساهم
المحققون الذين يقصدهم؟ الثابت لدينا ان علماء اللغه الكبار كالاصمعي وابي حاتم السجستاني والتوزي وقطرب
وابن الانباري وابي الطيب اللغوي وغيرهم كثير من المشهود لهم بالثقه وكثره الروايه اثبتوا وجود
التضاد في اللغه .
عبد الفتاح بدوي: افصح عن رايه في تعليقه على مقاله دائره المعارف الاسلاميه التي كتبها المستشرق فيل
Weilالذي اشار الى ان هناك من تزيد في ذكر عدد الاضداد ويقصد بعض اللغويين الذين
ادخلوا فيها كلمات مثل: مثل الكاس للشراب وللاناء ومثل ان التي للاثبات والنفي وغيرها. هذا
راي فيل لكن عبد الفتاح بدوي تحامل على اللغويين العرب واتهمهم بالخلط والتزيد وتحداهم ان
ياتوا ولو بكلمه واحده من الاضداد. لكن ما هي الاسس التي اعتمد عليها في رفضه
للاضداد؟ لقد ردد حجج ابن درستويه وقام بتفسير بعض الاضداد واستنادا الى تفسيرها ادعى انها
لم تكن اصلا تفيد معان متضاده . اذن هو يثبت وجودها ولكنه يعتقد ان ضديتها
لم تكن من الاصل. ابن درستويه وبدوي وقعا في فهم خاطئ للغه لانهما يعتقدان ان
هناك من يقول بان كلمات الاضداد موضوعه من الاصل متضاده المعاني وهذا ما لا يقره
علم اللغه وعلم الدلاله الحديث لان الثابت ان تطور وتغير اللغه دلاليا او صوتيا قد
يؤديان الى وجود هذا النوع من المفردات .
رايالمثبتين
عامه علماء العربيه من لغويين واصوليين وغيرهم يثبتون وجود الاضداد:
1- فمنهم من اثبتها عن طريق النقل (حجج نقليه ) فذكر الفاظها وبعض شواهدها اللغويه
في مؤلفاتهم. من هؤلاء قطرب وابو عبيده معمر بن المثنى والاصمعي وابن السكيت والتوزي وابو
حاتم السجستاني وابن دريد والجوهري وابن الانباري وابو الطيب اللغوي.
2- ومنهم من اثبتها عن طريق الحجج العقليه معتمدين على ما ورد في الكتاب لسيبويه
عندما قال: اعلم ان من كلامهم [اي العرب]: اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين واختلاف اللفظين والمعنى
واحد واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين.
*فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب.
*واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق.
*واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدت عليه من الموجده ووجدت اذا اردت وجدان الضاله .
واشباه هذا كثير.
كيف احتج اللغويون العرب على وجود الاضداد اعتمادا على ما سبق؟
قطرب: احتج بشكل غير واضح بذكر تقسم سيبويه دون ان يحاول ان يدخل الاضداد في
ذلك التقسيم وكانه يوحي لنا بان الاضداد نوع من الاشتراك اللفظي الذي يقره كثير من
اللغويين.
ابن الانباري:في مقدمه كتابه الاضداد يذكر تقسيم سيبويه للكلام ويقول ان مجرى حروف الاضداد مجرى الحروف
التي تقع على معنيين مختلفين وان لم تكن متضاده .
ابو علي الفارسينقل عنه ابن سيده في المخصص في اول باب الاضداد كلام سيبويه الذي قام بشرحه
لينزله على الفاظ الاضداد: “واما القسم الثالث وهو اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين فينبغي ان لا
يكون قصدا في الوضع ولا اصلا له ولكنه من لغات تداخلت او تكون كل لفظه
تستعمل بمعنى ثم تستعار لشيء فتكثر وتغلب فتصير بمنزله الاصل قال: وقد كان احد شيوخنا
ينكر الاضداد التي حكاها اهل اللغه وان تكون لفظه واحده لشيء وضده والقول في هذا
انه لا يخلو في انكار ذلك ودفعه اياه من حجه من جهه السماع او القياس
ولا يجوز ان تقوم له حجه تثبت له دلاله من جهه السماع بل الحجه من
هذه الجهه عليه لان اهل اللغه كابي زيد وغيره وابي عبيده والاصمعي ومن بعدهم قد
حكوا ذلك وصنفت فيه الكتب وذكروه في كتبهم مجتمعا ومفترقا فالحجه من هذه الجهه عليه
لا له فان قال الحجه تقوم من الجهه الاخرى وهي ان الضد بخلاف ضده فاذا
استعملت لفظه واحده لهما جميعا ولم يكسب كل واحد من الضدين لفظا يتميز من هذه
ويتخلص به من خلافه اشكل والبس فعلم الضد شكلا والشكل ضدا والخلاف وفاقا وهذه نهايه
الالباس وغايه الفساد قيل له: هل يجوز عندك ان تجيء لفظتان في اللغه متفقتان لمعنيين
مختلفين؟ فلا يخلو في ذلك ان يجوزه او يمنعه فان منعه ورده صار الى رد
ما يعلم وجوده وقبول العلماء له ومنع ما ثبت جوازه وشبهت عليه الالفاظ فانها اكثر
من ان تحصى وتحصر نحو وجدت الذي يراد به العلم والوجدان والغضب وجلست الذي هو
خلاف قمت وجلست الذي هو بمعنى اتيت نجدا ونجد يقال لها جلس فاذا لم يكن
سبيل الى المنع من هذا ثبت جواز اللفظه الواحده للشيء وخلافه واذا جاز وقوع اللفظه
الواحده للشيء وخلافه جاز وقوعها للشيء وضده اذا الضد ضرب من الخلاف وان لم يكن
كل خلاف ضدا.
الاختلاف حول عدد الفاظ الاضداد
الذين اثبتوا الاضداد اختلفوا في عددها وفي حجم مفرداتها في المعجم العربي فمنهم من توسع
وتسامح في قبول الفاظ كثيره في قائمه الاضداد ومنهم من رفض اكثرها ولم يقبل منها
الا كلمات قليله واخرون توسطوا بين الامرين.
المضيقون:منهم الثعالبي في فقه اللغه الذي ذكر في باب صغير خاص بالاضداد ما لا يتعدى
سبع كلمات. ولا نظن انه اراد الحصر وانما جاء بها من باب الانتقاء والتمثيل.
المستشرق الالماني جيس: كتب رساله قصيره عن الاضداد نشرت سنه 1894ه وقد حدد بحثه بفتره العصر الجاهلي
وحاول الا يقبل من الاضداد الا ما وجد له شواهد في هذا الشعر ولم يدخل
الشواهد القرانيه ونصوص الحديث الشريف والشعر الاسلامي والاموي. وزعم انه لم يثبت لديه من الفاظ
الاضداد الا 22 لفظه . والذي يظهر لنا ان قله هذا العدد لا شك عائده
الى اقتصاره على فتره محدده وقله المصادر التي اعتمد عليها.
ابراهيم انيس :لقد تبع جيس على غير هدى وبدون ان يذكر شروطه وظروفه. ولم يذكر ما هي
الالفاظ التي قبلها وما تلك التي رفضها ولماذا رفضها؟ فان كان هناك عذر لجيس لان
العدد القليل الذي خرج به كان بسبب تحديد العصر وقله المصادر فلا نجد عذرا لابراهيم
انيس لانه مقلد سار بدون دليل. وقد سار وراءه محمد ال ياسين الذي كتب كتابا
عن الاضداد اضاعه في ذكر مخطوطات كتب الاضداد ومعلوماتها البيبليوغرافيه وقبل فيه بدون مناقشه العدد
الذي ذكره غيس وردده ابراهيم انيس.
راي المتوسعين: لا ننكر ان مجموعه من اللغويين العرب افتتنوا بهذا البحث وتزيدوا في ذكر عدد
الاضداد فادخلوا فيها ما ليس منها ومنهم قطرب وابن الانباري وابو الطيب اللغوي والصاغاني والفيروزابادي
الذين عدوا منها ما يربو على 300 كلمه .
راي المتوسطين :هناك فئه من العلماء لم تتوسع او تتسامح عدد الاضداد من هؤلاء الاصمعي الذي عد
منها 103 كلمات وابن السكيت الذي ذكر منها 92 لفظه وابو حاتم السجستاني الذي ذكر
170 لفظه . والى هذه الفئه يمكننا ان نضم ابن سيده الذي اورد في فصل
الاضداد في المخصص 92 لفظا وكذلك السيوطي الذي ذكر منها في المزهر 123 لفظا.
الاختلاف حول اسباب الاضداد في اللغه
النظريه الشعوبيه: ذكر ابن الانباري “ويظن اهل البدع والزيغ والازراء بالعرب _ يقصد الشعوبيه ان ذلك
كان منهم لنقصان حكمتهم وقله بلاغتهم وكثره الالتباس في محاوراتهم، بسبب قله حكمه العرب وضعف
بيانهم واختلاط محاوراتهم.” نحن نقول ان العلماء اليوم يعترفون بان هذا الضرب من الالفاظ موجود
في كثير من اللغات منها الفارسيه والمصريه القديمه واللاتينيه والعبريه والارميه . ولكن اصحاب هذه
اللغات لم يتنبهوا الى هذه الظاهره الا بعد ان اشتهر امرها في العربيه التي سجل
علماؤها كل صغيره وكبيره تتعلق بمعجمها ونظامها.
رايكارلايبل: لم يكن من علماء العربيه او الساميات وانما كان مهتما بالفرعونيه القديمه . وقد
وجد فيها كلمات تدل على المعنى وضده. فالكلمه التي تدل على النور تفيد ايضا الظلام
والتي تدل على القوه تدل ايضا على الضعف. وقد حاول ان يجد لذلك تفسير لانه
في نظره لا يعقل ان تكون لغه المصريين الذين بنوا الاهرام ووضعوا اول لبنات الثقافه
الانسانيه بهذا الشكل من الضعف والتخبط. التفسير الذي ارتضاه هو ان المصريه القديمه تحمل في
ثناياها بقيه من الفكر الانساني القديم وهذا الفكر قائم على الرؤيا والمعرفه النسبيه التي تميز
الاشياء باضدادها فالنور لا يعرف الا بالظلام والقوه لا تميز الا بالضعف وهذه الالفاظ في
رايه لا تدل على معان متضاده وانما تدل على تلك العلاقه النسبيه . وقد اشار
ايبل الى وجود هذه الظاهره في العربيه والعبريه واللاتينيه .
راي غورديس:انتقد غورديس راي ايبل في سبب الاضداد مبينا ان رايه قائم على مقدمات عقليه بحته
ولا يترك مجالا للاحوال النفسيه والاجتماعيه التي ربما فيها الجواب الشافي لهذه الظاهره . ويقول:
انه لا يمكننا ن نتخيل ان الانسان استخدم الكلمات بدون معنى محدد واولي.
وقد تناول تحليله قائمه الاضداد التي ذكرها المستشرق نولدكه في مقاله له عن الاضداد في
اللغات الساميه . وقال اننا اذا استبعدنا الالفاظ التي سبب الضديه فيها الصرف او التغييرات
الصوتيه يتضح لنا ان احد المعاني المتضاده في كل كلمه سلبيي والاخر ايجابي مما يدل
على ان الايجابي هو المعنى الاصلي والسلبي ثانوي عارض وذلك بسبب استخدام اللفظ للتعبير عن
المعاني السلبيه تطيرا من ذكر الفاظها وتفاؤلا باضدادها الايجابيه .
الاشكال في راي غورديس وبعض العرب مثل عبد الفتاح بدوي وابن درستويه انهم يرتكبون خطا
منهجيا وهو انهم متى عرفوا سبب الضديه حذفوا الكلمه من الاضداد. لذا يجب ان يكون
هناك مقياس معين وهو ان تقبل الكلمه التي تدل على معنيين متضادين سواء كان التضاد
دلاليا او اشتقاقيا او صرفيا لان اهميه الاضداد نابعه من اشكاليه الغموض في معانيها لا
في اصلها وسببها.
مرمرجيالدومنيكي:هو احد القائلين بالنظريه الثنائيه في اصل الجذور العربيه والساميه وقد فسر سبب الضديه في
ضوء هذه النظريه فقال: ان سبب التضاد هو نحت لفظين ثنائيين كانا يدلان على معنيين
متضادين فاصبحا كلمه واحده تدل على معنيين متضادين. الدومنيكي لم يطبق هذه النظريه الا على
عدد محدود من الكلمات من بينها كلمات لا يمكن اعتبارها من الاضداد لان البحث المتعمق
في معانيها لا يثبت معانيها المتضاده . من ذلك مثلا: الابض التي تعني القبض وكذلك
زعموا انها تعني السكون. وقد فسر الضديه المزعومه بان هذه الكلمه منحوته من لفظين ثنائيين
هما: اب وتعني نهض واسرع وبض او ب(ا)ض (الالف الممدوده زائده في نظره) وتعني اقام
واستراح. ولكن الدومنيكي ارتكب خطا كبيرا هو انه لم يحرر معاني هذه اللفظه منذ البدايه
واكتفى بما ذكره اصحاب الاضداد ومن تبعهم من المعجميين. الواقع ان هذه الكلمه لا تعني
السكون اطلاقا والذين نسبوا هذا المعنى اليها تمحلوا دلالتها على الزمن لتدل على السكون فمعنى
السكون استنتاج من دلاله الزمن (لانه في اذهانهم يوحي بالسكون) لا معنى لغويا. وكذلك في
تحليله لكلمه (سجد): خضع وانتحى وهناك معنى اخر توهمه بعضهم هو “انتصب” وهذا خطا سببه
تفسير بيت فيه وصف لبعير سانيه :
لولا الزمام اقتحم الاجالدا بالغرب او دق النعام الساجدا
ففهموا ان الساجد تعني المنتصبه . ولكن هذا التفسير غير صحيح فسجد تعني في الاصل
سكن ومنه جاء الخضوع والخشوع ولذلك اطلق على السجود المعروف لانه اوضح حالات الخضوع والسكينه
. ولذلك نقول الجبال الساجده اي التي لا تتحرك وعين ساجده : فاتره والنعام في
البيت السابق عنى به عمودي السانيه والساجد المائل والخافض راسه او قصد به الثابت الساكن
الذي لا يتحرك. ولكن الدومينيكي اخطا فلم يحرر معنى هذه اللفظه وحاول ان يفسر الضديه
المتوهمه بانها كانت بسبب نحت كلمتين ثنائيتين متضادتي المعنى هما: سد (لان الذي يسد لا
بد ان يكون مرتفعا وعاليا) وسج التي معناها رمى والقى ومنها سجا اي سكن ورمى
وهي معان فيها هبوط.
احمد عبد التواب :كتب كتابا غير دقيق فسر فيه جميع الاضداد على انها جاءت بسبب التغيير الصوتي. اي
انه كان هناك كلمتان مختلفتان في اللفظ ومتضادتان في المعنى ثم حدث تغيير صوتي في
احداهما فاشبهت الاخرى في لفظها فاصبح عندنا لفظتان متشابهتان في اللفظ ومتضادتان في المعنى. وقد
عمم هذه النظريه على جميع الفاظ الاضداد. من ذلك مثلا: ابر: اصلح وافسد واذى. بحسب
رايه يقول: ان ابر تعني اصلح وهناك كلمه اخرى هي ابن التي تعني في الاصل
عاب تغيرت فيها النون الى راء فاشبهت ابر في لفظها:
| ابر: اصلح |
ابن← | ابر: عاب > اذى |
نحننقول: ان هذا كله لا حقيقه له لان تغير النون الى راء قليل جدا في
العربيه والعكس هو تغير اللام الى راء. والتفسير الدلالي اقرب الى الصحه فابر تعني اصلح
واما معنى اذى فقد جاء من الابره وهي اداه مدببه تخز وتجرح وهي موجوده
عند حشرات مؤذيه كالعقارب والزنابير والنحل.
وقداخطا عبد التواب ايضا عندما فسر سبب ضديه ابض فادعى ان معنى ابض التي قيل
انها تعني سكن كان اصلها قبض فتغيرت القاف الى ضاد فاشبهت في لفظها ابض الاصليه
التي تعني تحرك.
| ابض: تحرك |
قبض: “امسك”← | ابض: “امسك” > “سكن” |
وقدبينا من قبل ان معنى السكون متوهم ومستنتج ولا وجود له ومن يراجع لسان العرب
لن يجد شاهدا يدل على ذلك وانما هو استنتاج من لازم معنى الدهر.
ومن امثله اخطائه تفسيره لسبب الضديه في قولهم: “غمدت البئر” اذا كثر ماؤها و”غمدت البئر”
اذا قل ماؤها. عبد التواب يقول غمد غطى وكثر هي الاصل واما غمد بمعنى قل
فقد جاءت من خمد “همد وسكن” وقد تغير الخاء الى غين. ونحن نرد عليه قائلين
ان همد لا يعطي معنى “قل الماء” وكلا المعنيين يمكن ملاحظتهما في غمد التي تعني
“غطى.” فهناك اعتباران مختلفان عند استخدام هذا التعبير لحال البئر. فعند قولنا: غمدت البئر اي
كثر ماؤها نحن نعني ان الماء قد غطى قعرها وطيها وكثر وعندما نقول: غمدت البئر
اي قل ماؤها فنحن نعني ان التراب والحماه قد غطت قعرها وماءها.
غمدت البئر : غطى الماء طيها وحجارتها (كثر ماؤها)
غمدت البئر: غطى التراب قعرها وماءها ( قل ماؤها).
الاسباب الحقيقيه للاضداد
فيالواقع ليس هناك سبب واحد للاضداد بل ان هناك اسباب متعدده ومختلفه منها الصوتي ومنها
الاشتقاقي ومنها الدلالي. ويمكن تصنيفها كالتالي:
(ا) اضداد بسبب التغيير الصوتي: ونعني به ان يكون هناك في الاصل كلمتان مختلفتان في
اللفظ ومتضادتان في المعنى ثم حدث تغيير صوتي في احداهما مما جعلها تشبه الاخرى في
اللفظ. وهذا السبب كان وراء تضاد عدد من اسماء الفاعل والمفعول من الفعل الاجوف على
صيغه افتعل والفعل المضعف على صيغه فاعل. لاحظ اسماء الفاعلين والمفعولين في الجدول التالي:
اسماءالفاعلين والمفعولين من افتعل الاجوف العين
فعل | افتعل | افتعل بعد التغيير | اسمالفاعل قبل التغيير | اسمالفاعل بعد التغيير | اسمالمفعول قبل التغيير | اسمالمفعول بعد التغيير |
غيب | اغتيب | اغتاب | مغتيب | مغتاب | مغتيب | مغتاب |
غيل | اغتيل | اغتال | مغتيل | مغتال | مغتيل | مغتال |
خير | اختير | اختير | مختير | مختار | مختير | مختار |
اسماء الفاعلين والمفعولين من المضعف على صيغه فاعل
فعل | فاعل | افتعل بعد التغيير | اسمالفاعل قبل التغيير | اسمالفاعل بعد التغيير | اسمالمفعول قبل التغيير | اسمالمفعول بعد التغيير |
حدد | حادد | حاد | محادد | محاد | محادد | محاد |
شقق | شاقق | شاق | مشاقق | مشاق | مشاقق | مشاق |
ضدد | ضادد | ضاد | مضادد | مضاد | مضادد | مضاد |
ضرر | ضارر | ضار | مضارر | مضار | مضارر | مضار |
لاحظ ان صيغ اسم الفاعل والمفعول قد اصبحت متشابهه بعد التغيير الصوتي.
(ب) اضداد بسبب الاشتقاق: بعض الصيغ الاشتقاقيه قد تؤدي معان متضاده او شبه متضاده منها
على سبيل المثال ما يلي:
جدا: اعطى وسال.
تصدق: اعطى الصدقه وسال الصدقه .
افزع: اخاف وازال الفزع.
اطلبت فلانا: اعطيته ما يطلب واطلبته: عرضته لان يطلب.
شعب: كسر او شعر الاناء او العصا وشعب: اصلحهما اي: ازال الشعب منهما واصلحهما.
المتظلم: كثير الظلم والمتظلم الشاكي من الظلم.
سميع: الذي يسمع والذي يسمع غيره.
القنيص: الصائد والقنيص: المصيد
الصارخ: المستغيث والمغيث.
(ج) اضداد لاسباب دلاليه
1- اضداد بسبب اختلاف النظره الى الشيء: قد يطلق اللفظ على اشياء او معان تختلف
النظره اليها بحسب الاحوال والظروف مما يولد نوعا من الضديه في معاني اللفظ من ذلك
مثلا:
لمق: كتب في لغه بني عقيل ولمق: محا في سائر لغه قيس. وتفسير هذا ان
لمق تفيد معنى الضربه السريعه الخفيفه وهذه الحركه هي حركه الكتابه السريعه وكذلك المحو السريع.
لطع: كتب ولطع: محا. اصل معنى لطع: ضرب ولحس ومعنى الكتابه جاء من الضربه السريعه
وكذلك جاء منها معنى المحو لانه ضربه بمسحه سريعه .
عزر: تعني نصر وايد وقد وردت في القران في هذا المعنى في قوله تعالى: (وامنتم
برسلي وعزرتموهم واقرضتم الله قرضاحسنا) وقوله تعالى: (فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعواالنور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون) وعزر تعني “عاقب”. والمعنى الاصلي لعزر هو “الربط
والشد ومنه جاء معنى التقويه التي اعطتنا معنى النصر والتاييد واما معنى العقاب فقد جاء
من الشد ايضا الذي اعطى معنى القسوه ومن ثم العقاب. وقد يكون جاء معنى “العقاب”
من “الشد” الذي اعطى معنى “المنع” لان العقاب يمنع من ارتكاب ما يوجبه.
البين: الفراق وشواهده كثيره منها قول عنتره :
ظعن الذين فراقهم اتوقع وجرى ببينهم الغراب الابقع
اي بفراقهم. والبين: الوصل في قوله تعالى: (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)
في قراءه برفع (بينكم) اي وصلكم وقوله تعالى (فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم) اي ما
يجمعكم من القرابه والموده . والبين هو الشيء بين شيئين وهذا ربما ينظر اليه كانه
يفصل ويفرق بينهما وربما ينظر اليه وكانه يصل بينهما.
2- اضداد بسبب التفاؤل والتطير:
بصير: قوي البصر وقالوا بصير للاعشى على سبيل التفاؤل ومن ذلك تكنيتهم للشاعر الجاهلي الاعشى
بابي بصير.
السليم: الذي لم يصبه سوء والسليم: الملدوغ تطيرا من اللفظ وتفاؤلا بالسلامه وقد يطلق على
الجريح الذي اشفى على الهلاك انشد ابن الاعرابي:
يشكو اذا شد له حزامه شكوى سليم ذربت كلامه
اي: جراحه. وفي الحديث:انهم مروا بماء فيه سليم فقالوا هل فيكم من راق؟
المفازه : الفوز والمفازه الصحراء المهلكه .
اليسرى: الامر السهل واليسرى: اليد الشمال وهي اليد العسرى التي يصعب العمل بها. ويبدو انهم
تشاءموا من لفظ شامل الماخوذ من الشؤم وقد سميت في القران مشامه في قوله تعالى:
(فاصحاب الميمنه ما اصحاب الميمنه واصحاب المشامه ما اصحابالمشامه ).
الحباب: الحب والحباب: الحيه قال ابو عبيد: وانما قيل الحباب اسم شيطان لان الحيه يقال
لها شيطان ولذلك غير الى اسم حباب كراهيه للشيطان.
البيضاء: ماكان لونها ابيض وعن الصغاني البيضاء : الداهيه .
الشوهاء: القبيحه والشوهاء الفتاه او الفرس الجميله ويقال: انها سميت بذلك لدرء العين عنها.
3- اضداد بسبب التخصيص في لغتين او عصرين مختلفين:
الماتم: الاجتماع في حزن او فرح. اصل اتم: اجتمع.
الجون: الاسود والجون: الابيض. جون كلمه فارسيه معناها اللون وقد اقترض العرب هذه الكلمه وتخصص
معناها عند بعضهم باللون الاسود وعند البعض الاخر باللون الابيض.
شرى: باع وشرى: اشترى. واصل معناها المقايضه اي تبادل السلع بدون نقد. وبعد كثره تداول
النقد تخصص معناها عند في بعض لغات العرب بالبيع ومنه قوله تعالى في شان يوسف
عليه السلام (فباعوه بثم ن بخس) واختص في لغات اخرى “بقبض السلعه ودفع ثم نها
نقدا”.
باع: ايضا تعني: اشترى وتعني ايضا: “دفع الشيء وقبض ثم نه” (اي باعه). وهذا كله
تخصيص في بيئات مختلفه لمعنى عام هو المقايضه .
سام: سال طلب شراء السلعه وكذلك عرضها للبيع.
الطب: العلاج والطب: السحر واصل معنى الطب العمل الحاذق.
الطرب: الفرح والطرب: الحزن والمعنى الاولي العام هو خفه تصيب المرء.
4- اضداد بسبب تغير المعنى وانحرافه:
عفا: نما وزاد وعفا: درس وانطمس. المعنى الاصلي لعفا هو “نمو الشعر والنبات” وهذا المعنى
اعطى معنى التغطيه والستر وهذا بدوره نتج عنه معنى الدروس والانطماس.
الغرض: الضجر وفي الحديث: “كان اذا مشى عرف في مشيه انه غير غرض”
والغرض: الضجر والملال؛ وانشد ابن بري للحمام بن الدهيقين:
لما رات خوله مني غرضا قامت قياما ريثا لتنهضا
والغرضالمشتاق قال الشاعر:
فمن يك لم يغرض فاني وناقتي بحجر الى اهل الحمى غرضان
تحنفتبدي ما بها من صبابه واخفي الذي لولا الاسى لقضاني
وقال ابن هرمه في الشوق ايضا:
اني غرضت الى تناصف وجهها غرض المحب الى الحبيب الغائب
انهيبدو ان هذه المعاني قد جاءت من الغرض وهو الهدف وما يشتاق اليه الانسان ومن
هذا جاء معنى الضجر لان الانسان يصيبه الضجر بسبب حاله الراهنه ولشوقه لشيء اخر.