افضل كلمات احلى كلام و عبارات جميلة

الكلام في ماهية الحب

الكلام في ماهية الحب 2554

الكلام في ماهية الحب

الكلام في ماهية الحب 2554

الحب – اعزك الله – اوله هزل واخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن ان توصف
فلا تدرك حقيقتها الا بالمعاناة. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة اذ القلوب
بيد الله عز وجل وقد احب من الخلفاء المهدبين والائمة الراشدين كثير منهم باندلسنا عبد
الرحمن بن معاوية الدعجاء والحكم بن هشام وعبد الرحمن بن الحكم وشغفه بطروب ام عبد
الله ابنة اشهر من الشمس ومحمد بن عبد الرحمن وامره مع غزلان ام بنيه عثم
ان والقاسم والمطرف معلوم والحاكم المستنصر وافتتانه بصبح ام هاشم المؤيد بالله رضي الله عنه
وعن جميعهم وامتناعه عن التعرض للولد من غيرها. ومثل هذا كثير ولولا ان حقوقهم على
المسلمين واجبة – وانما يجب ان نذكر من اخبارهم ما فيه الحزم واحياء الدين وانما
هو شيء كانوا ينفردون به في قصورهم مع عيالهم فلا ينبغي الاخبار به عنهم –
لاوردت من اخبارهم في هذا الشان غير قليل.

واما كبار رجالهم ودعائم دولتهم فاكثر من ان يحصوا واحدث ذلك ما شاهدناه بالامس من
كلف المظفر بن عبد الملك بن ابي عامر بواحد بنت رجل من الجبائين حتى حمله
حبها ان يتزوجها وهي التي خلف عليها بعد فناه العامر بن الوزير عبد الله بن
مسلمة ثم تزوجها بعد قتله رجل من رؤساء البربر.

ومما يشبه هذا ان ابا العيش بن ميمون القرشي الحسيني اخبرني ان نزار بن معد
صاحب مصر لم ير ابنه منصور بن نزار الذي ولى الملك بعده وادعى الالهية الا
بعد مدة من مولده مساعدة لجارية كان يحبها حبا شديدا هذا ولم يكن له ذكر
ولا من يرث ملكه ويحيي ذكره سواه.

ومن الصالحين والفقهاء في الدهور الماضية والازمان القديمة من قد استغنى باشعارهم عن ذكرهم: وقد
ورد من خبر عبيد الله عتبة بن مسعود وشعره ما فيه الكفاية. وهو احد فقهاء
المدينة السبعة وقد جاء من فتيا ابن عباس رضي الله عنه مالا يحتاج معه الى
غيره حين يقول: هذا قتيل الهوى لا عقل ولا قود.

وقد اختلف الناس في ماهيته وقالوا واطالوا والذي اذهب اليه انه اتصال بين اجزاء النفوس
المقسومة في هذه الخليقة في اصل عنصرها الرفيع لا على ما حكاه محمد بن داود
رحمه الله عن بعض اهل الفلسفة. الارواح اكر مقسومة لكن على سبيل مناسبة قواها في
مقر عالمها العلوي ومجاورتها في هيئة تركيبها وقد علمنا ان سر التمازج والتباين في المخلوقات
انما هو الاتصال والانفصال والشكل دابا يستدعى شكله والمثل الى مثله ساكن وللمجانسة عمل محسوس
وتاثير مشاهد والتنافر في الاضداد والموافقة في الانداد والتراع فيما تشابه موجود فيما بيننا فكيف
بالنفس وعالمها العالم الصافي الخفيف وجوهرها الجوهر الصعاد المعتدل وسنخها المهيا لقبول الاتفاق والميل والتوق
والانحراف والشهوة النفار. كل ذلك معلوم بالفطرة في احوال تصرف الانسان فيسكن اليها والله عز
وجل يقول: “هو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ليسكن اليها” فجعل علة
السكون انها منه. ولو كان علة الحب حسن الصورة الجسدية لوجب الا يستحسن الانقص من
الصورة. ونحن نجد كثيرا ممن يؤثر الادنى ويعلم فضل غيره ولا يجد محيدا لقلبه عنه.
ولو كان للموافقة في الاخلاق لما احب المرء من لا يساعده ولا يوافقه. فعلمنا انه
شيء في ذات النفس وربما كانت المحبة لسبب من الاسباب وتلك تفنى بفناء سببها. فمن
ودك لامر ولى مع انقضائه.

وفي ذلك اقول:

ودادي لك الباقي على حسب كونهتناهى فلم ينقص بشيء ولم يزد
وليست له غير الارادة علةولا سبب حاشاه يعلمه احد
اذا ما وجدنا الشيء علة نفسهفذاك وجود ليس يفنى على الابد
واما وجدناه لشيء خلافهفاعدامه في عدمنا ما له وجد

ومما يؤكد هذا القول اننا علمنا ان المحبة ضروب. فافضلها محبة المتحابين في الله عزوجل؛
اما لاجتهاد في العمل واما لاتفاق في اصل النحلة والمذهب واما لفضل علم يمنحه الانسان
ومحبة القرابة ومحبة الالفة والاشتراك في المطالب ومحبة التصاحب والمعرفة ومحبة البر يضعه المرء عند
اخيه ومحبة الطمع في جاه المحبوب ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره ومحبة بلوغ
للذة وقضاء الوطر ومحبة العشق التي لا علة لها الا ما ذكرنا من اتصال النفوس
فكل هذه الاجناس منقضية مع انقضاء عللها وزائدة بزيادتها وناقصة بنقصانها متاكدة بدنوها فاترة ببعدها.
حاشى محبة العشق الصحيح الممكن من النفس فهي التي لا فناء لها الا بالموت. وانك
لتجد الانسان السالي برغمه. وذا السن المتناهية اذا ذكرته تذكر وارتاح وصبا واعتاده الطرب واهتاج
له الحنين.

ولا يعرض في شيء من هذه الاجناس المذكورة من شغل البال والخبل والوسواس وتبدل الغرائز
المركبة واستحالة السجايا المطبوعة والنحول والزفير وسائر دلائل الشجا ما يعرض في العشق فصح بذاك
انه استحسان روحاني وامتزاج نفساني. فان قال قائل: لو كان هذا كذلك لكانت المحبة بينهما
مستوية اذ الجزان مشتركان في الاتصال وحظهما واحد فالجواب عن ذلك ان نقول: هذه لعمري
معارضة صحيحة ولكن نفس الذي لا يحب من يحبه مكتنفة الجهات ببعض الاعراض الساترة والحجب
المحيطة بها من الطبائع الارضية فلم تحس بالجزء الذي كان متصلا بها قبل حلولها حيث
هي ولو تخلصت لاستويا في الاتصال والمحبة. ونفس المحب متخلصة عالمة بمكان ما كان يشركها
في المجاورة طالبة له قاصدة اليه باحثة عنه مشتهية لملاقاته جاذبة له لو امكنها كالمغنطيس
والحديد فقوة جوهر المغنطيس المتصلة بقوة جوهر الحديد لم تبلغ من تحكمها ولا من تصفيتها
ان تقصد الى الحديد على انه من شكلها وعنصرها كما ان قوة الحديد لشدتها قصدت
الى شكلها وانجذبت نحوه اذ الحركة ابدا انما تكون من الاقوى وقوة الحديد متروكة الذات
غير ممنوعة بحابس تطلب ما يشبهها وتنقطع اليه وتنهض نحوه بالطبع والضرورة وبالاختيار والتعمد. وانت
متى امسكت الحديد بيدك لم ينجذب اذ لم يبلغ من قوته ايضا مغالبة الممسك له
مما هو اقوى منه. ومتى كثرت اجزاء الحديد اشتغل بعضها ببعض واكتفت باشكالها عن طلب
اليسير من قواها النازحة عنها فمتى عظم جرم المغناطيس ووازت قواه جميع قوى جرم الحديد
عادت الى طبعها المعهود. وكالنار في الحجر لا تبرز على قوة الحجر في الاتصال والاستدعاء
لاجزائها حيث كانت الا بعد القدح ومجاورة الجرمين بضغطهما واصطكاكهما والا فهي كامنة في حجرها
لا تبدو ولا تظهر.

ومن الدليل على هذا ايضا انك لا تجد اثنين يتحابان الا وبينهما مشاكلة واتفاق الصفات
الطبيعية لا بد من هذا وان قل وكلما كثرت الاشباه زادت المجانسة وتاكدت المودة فانظر
هذا تراه عيانا وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكده: “الارواح جنود مجندة ما
تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف” وقول مروى عن احد الصالحين: ارواح المؤمنين تتعارف.
ولهذا ما اغتم ابقراط حين وصف له رجل من اهل النقصان يحبه فقيل له في
ذلك فقال: ما احبني الا وقد وافقته في بعض اخلاقه. وذكر افلاطون ان بعض الملوك
سجنه ظلما فلم يزل يحتج عن نفسه حتى اظهر براءته وعلم الملك انه له ظالم
فقال له وزيره الذي كان يتولى ايصال كلامه اليه: ايها الملك قد استبان لك انه
بريء فمالك وله؟ فقال الملك: لعمري مالي اليه سبيل غير اني اجد لنفسي استثقالا لا
ادري ما هو. فادى ذلك الى افلاطون. قال: فاحتجت ان افتش في نفسي واخلاقي اجد
شيئا اقابل به نفسه واخلاقهما مما يشبهها فنظرت في اخلاقه فاذا هو محب للعدل كاره
للظلم فميزت هذا الطبع في فما هو الا ان حركته هذه الموافقة وقابلت نفسه بهذا
الطبع الذي بنفسي فامر باطلاقي وقال لوزيره: قد انحل كل ما اجد في نفسي له.
واما العلة التي توقع الحب ابدا في اكثر الامر على الصورة الحسنة فالظاهر ان النفس
حسنة وتولع بكل شيء حسن وتميل الى التصاوير المنقنة فهي اذا رات بعضها تثبتت فيه
فان ميزت وراءها شيئا من اشكالها اتصلت وصحت المحبة الحقيقية وان لم تميز وراءها شيئا
من اشكالها لم يتجاوز حبها الصورة وذلك هو الشهوة.

وان للصور لتوصيلا عجيبا بين اجزاء النفوس النائية. وقرات في السفر الاول من التوراة ان
النبي يعقوب عليه السلام ايام رعيه غنما لابن خاله مهرا لا بنته شارطه على المشاركة
في انسالها فكل بهيم ليعقوب وكل اغر للابان فكان يعقوب عليه السلام يعمد الى قضبان
الشجر يسلخ نصفا ويترك نصفا بحاله ثم يلقى الجميع في الماء الذي ترده الغنم ويتعمد
ارسال الطروقة في ذلك الوقت فلا تلد الا نصفين نصفا بهما ونصفا غرا. وذكر عن
بعض القافة انه اتى بابن اسود لابيضين فنظر الى اعلامه فراه لهما غير شك. فرغب
ان يوقف على الموضع الذي اجتمعا عليه. فادخل البيت الذي كان فيه مضجعهما فراى فيما
يوازي نظر المراة صورة اسود في الحائط فقال لابيه: من قبل هذه الصورة اتيت في
ابنك. وكثيرا ما يصرف شعراء اهل الكلام هذا المعنى في اشعارهم فيخاطبون المرئي في الظاهر
خطاب المعقول الباطن وهو المستفيض في شعر النظام ابراهيم بن سيار وغيره من المتكلمين وفي
ذلك اقول شعرا منه:

ما علة النصر في الاعداء تعرفهاوعلة الفر منهم ان يفرونا
الا نزاع نفوس الناس قاطبةاليك يا لؤلؤا في الناس مكنونا
من كنت قدامه لا ينتئى ابدافهم الى نورك الصعاد يعشونا
ومن تكن خلفه فالنفس تصرفهاليك طوعا فهم دابا يكرونا

ومن ذلك اقول:

امن عالم الاملاك انت ام انسىابن لي فقد ازرى بتميزي العي
ارى هيئة انسية غير انهاذا اعمل التفكير فالجرم علوي
تبارك منسوى مذاهب خلقهعلى انك النور الانيق الطبيعي
ولا شك عندي انك الروح ساقهالينا مثال في النفوس اتصالي
عد منا دليلا في حدوثك شاهدانقيس عليه غير انك مرئي
ولولا وقوع العين في الكون لم نقلسوى انك العقل الرفيع الحقيقي

وكان بعض اصحابنا يسمى قصيدة لي الادراك المتوهم منها:

ترى كل ضد به قائمافكيف تحد اختلاف المعاني
فيايها الجسم لا ذا جهاتويا عرضا ثابتا غير فان
نقضت علينا وجوه الكلامفما هو مذ لحت بالمستبان

وهذا بعينه موجود في البغضة ترى الشخصين يتباغضان لا لمعنى ولا علة ويستثقل بعضها بعضا
بلا سبب. والحب اعزك الله داء عياء وفيه الدواء منه على قدر المعاملة ومقام مستلذ
وعلة مشهاة لا يود سليمها البرء ولا يتمنى عليلها الافاقة. يزين المرء ما كان يانف
منه ويسهل عليه ما كان يصعب عنده حتى يحيل الطبائع المركبة والجبلة المخلوقة. وسياتي كل
ذلك ملخصا في بابه ان شاء الله.

خبر: ولقد علمت فتى من بعض معار في قد وحل من الحب وتورط في حبائله
واضربه الوجد وانضحه الدنف وما كانت نفسه تطيب بالدعاء الى الله عز وجل في كشف
ما به ولا ينطق به لسانه وما كان دعاؤه الا بالوصل والتمكن ممن يحب على
عظيم بلائه وطويل همه فما الظن بسقيم لا يريد فقد سقمه ولقد جالسته يوما فرايت
من اكبابه وسوء حاله واطراقه ما ساءني فقلت له في بعض قولي: فرج الله عنك
فلقد رايت اثر الكراهية في وجهه. وفي مثله اقول من كلمة طويلة:

واستلذ بلائي فيك يا امليولست عنك مدى الايام انصرف
ان قيل لي تتسلى عن مودتهفما جوابي الا اللام والالف

 

السابق
كلمات عن يوم الميلاد
التالي
الكلمات الانجليزيه الشائعه