بحوث في علم الكلام
في رحاب العقل الديني
بحوث في علم الكلام الجديد وفلسفه الدين.
من اجل نسق عقدي انفتاحي
بقلم/عبدالعالي العبدوني
تشكل الثقافه الدينيه بما هي مجموعه معطيات وطقوس ومناسك تجليات للفكره الدينيه العظمى الحاكمه على
غيرها من التفصيلات وهاته الفكره العظمى لا تتحيز الا بمقتضى مسلكيه معينه في قراءتها وفهمها.
وانه بوقوع تغير في مسلكيه او طريقه فهم الدين تتغير النتيجه على مستوى تكوين الثقافه
الدينيه .
وطريقه فهم الدين هي متكثره بتكثر التيارات الفكريه لاختلاف منبنياتها ووسائل النظر عندها لكن جميع
هذه التيارات تظل محكومه بقانون داخلي وشمولي يسمى البراديغم بوصفه المنطق الداخلي المتفق على حدوده
ومحدداته في زمان ما ومكان ما ويركن اليه في الغالب بدون وعي به لرسوخه في
الانفس كما العقيدهDOXEلانه طريق اليقين المبحوث عنه او على الاقل هكذا يتصور.
فاي فكر ديني نتج الا ويكون خاضعا لمنطق البراديغم الذي يفكر من داخله وعندما ينتج
افكاره يظل تحت عباءته فقط يبقى الفرق في نوعيه البراديغم الذي يشكل الناظم الداخلي للمعطيات
الثقافيه الدينيه . فلو عدنا الى المنتوج الفكري الديني الاسلامي على الجمله سوف نجده يقف
على مسلكيات فكريه معينه من خلالها تتم محاكمه الافكار الشاذه والتصريح بصوابها من عدمه.
صحيح ان مناط انشاء الافكار الدينيه في الاسلام كانت ولا زالت تتاسس على النص الديني
بوصفه كاشفا للمصداقيه الا ان درجه التعامل معه كانت مرهونه بمدخليه العقل في التعامل مع
النص واستنطاقه. مما ادى الى ظهور براديغمات كثيره للتعاطي مع النص الديني اثرنا حصرها في
اربعه لاستحاله ان تكون اكثر من ذلك وهي: البراديغم النصي الظاهري وهو الناظم الفكري الذي
يقف امام الظهور الاوحد للنص وقائل بحجيته واطلاقيه ما تحصل من تصور على اساس ظهوره
والبراديغم التاويلي الاوسطي وهو الناظم الفكري الذي لا يقف فقط عند الظهور الاول للنص بل
يغوص من جهه استبطانه واستنطاقه طوليا دون ان يلغي الظهور العرفي والبراديغم التاويلي الجذري وهو
الناظم الفكري الذي ينظر الى النص كموجود ثانوي ولا يهتم الا بالواقع كحاكم اوحد والبراديغم
الكشفي الطرقي وهو الانموذج الفكري الذي يدبر الفهم الديني على اساس الحقائق التي تتحصل في
ذهن المرء نتيجه اليقين الوجداني المتحصل نتيجه الرياضه الروحيه مع تمتين المعارف الشرعيه وهو طريق
عرفاني صلب ايضا الا انه يحتاج الى مصاديق خارجيه وهي غير متيسره مما يضطرنا على
اهميته لا نعتبره العمده في الاصلاح الديني المرجو وطبعا تحدث تشوهات كثيره في المسار الفكري
تاتي نتيجه الخلط بين البراديغمات او القفز من احداها الى الاخرى بدون مستند معرفي معتبر.
ومجموع هذه البراديغمات هي التي حكمت التاريخ الفكري الاسلامي ولا زالت حاله الشد والجذب متحققه
فيما بينهم الى هذا العصر تحت عناوين كثيره .
ونحن في هذه الورقه ما دمنا نركز على النسق العقدي الانفتاحي فاننا بالضروره نسعى الى
الذب على البراديغم التاويلي لما يقدمه لنا من انموذج تسامحي يعايش الواقع بشكل محايث بخلاف
البراديغم النصي اللاتاريخي واللاواقعي بالضروره .
بقيت الاشاره الى اننا عندما نتحدث عن النسق فنحن نتحدث عن كليه معرفيه تهم الجنبه
العقائديه تتاثث بمجموعه من الافكار الجوهريه التي تتسامى الى المقدس مشكله خط السلوك الذي يجب
على المعتقد القيام بها وهذا الموضوع سوف نبسط القول فيه بمناسبه البحث لكننا قبل ذلك
لا باس من اعطاء تعريف مقارب لمصطلح البراديغم كمدخل خاص للموضوع قبل بسط القول في
الصلب.
المدخل الخاص: ماهيه البراديغم ومدماكيته:
البراديغم كما سبق تعريفه هو المنطق الداخلي المتفق على حدوده ومحدداته في زمان ما ومكان
ما ويركن اليه في الغالب بدون وعي به لرسوخه في الانفس كما العقيدهDOXEلانه طريق اليقين المبحوث عنه او على الاقل هكذا يتصور وهو على هذا الاساس يشكل
الارضيه التحتيه للبت بخصوص نقطهمالذلك كثيرا ما يتم وصفه على انه الانموذجTYPEالكفيل بحل جميع المعضلات المعرفيه على ضوئه.
وهو على هذا الاساس يتحول الى عقل مركزي حاكم على مجموع الانتاجات الفكريه وعلى جميع
المستويات متحكم في العقول الجهويه والفرديه دون ان تعي هذه العقول بانها تعمل داخل صواميل
عملاقه حددت سلفا.
قد يكون هذا الطرح يتفق في عده جوانب مع النسقيه الفوكالديه لكن هذا ليس عيبا
ما دامت الاعمال الفوكالديه الصابه مبدئيا في نفس الاتجاه قد قدمت الادله الكافيه على صحه
وجود نسق كبير متحكم في مجموع العطاءات الفكريه بل حتى في الممارسات الاكثر حميميه .
لكن المدماكيه لا تتجلى فقط في تحديد المعالم الكبرى للعقول الجهويه والفرديه بل تذهب الى
حدود تطويع هذه العقول والعطاءات بشكل يجعلها غير قادره على التفكير خارجه ربما هذا الكلام
فيه كثير من التشييء للعقل الانساني ولا تنقصه السوداويه لكن لو صرحنا بان البراديغم في
حد ذاته اي بما هو هو ليس عيبا لانه موجود معرفي لا بد منه في
تاثيث المشهد الطبيعي في عالم الشهاده قد ترتفع هذه السوداويه ولو جزئيا فالعيب يتجلى في
مضمون هذا البراديغم لذلك نجد الرسالات الالهيه على مدار التاريخ عملت على انتاج مضمون مختلف
للبراديغم لتضمن للبشريه السعاده من جهه ان التوحيد ناظم طبيعي وفكري كبير وهو على ضوء
هذه الحموله يتعامل مع الكتابات السياسيه والاجتماعيه والفلسفيه حتى وهناك من يرى حموله اخرى وعلى
ضوئها يحاكم الخطاب والواقع.
وحرصا منا على الحفاظ على السياق السليم للموضوع سوف نحرص على البحث في الموضوع الاسلامي
وفق براديغم واحد من بين مجموعه من البراديغمات التي تدرس من خلاله وهو البراديغم التاويلي
الاوسطي لما له من اهميه خاصه تتجلى كبرياتها في تجاوز نقائص البراديغمين الاخرين لا يعرف
تطرفا الى احد قطبي العقل والنص بل هو اوسطي يتعامل بالعقل مع النص قبلا وبعدا
في حاله من التاثر والتاثير المتبادل ودون ان نوغل في التفاصيل نرى ان نرجئ مناقشته
الى حين البدء في صلب البحث.
بقيت الاشاره الى ان البحث لن يكون بالعمق المناسب لهكذا طروحات لكنه لا اقل يضع
الامارات الكبرى لهذا البراديغم محاولين في نفس الان ايضاح الوجه الايجابي والوجه السلبي وهذا لا
يتنافى مع منطق الذب الذي سبق وان نوهنا اليه.
البراديغم التاويلي الاوسطي:
لكل ظاهر باطن ولكل باطن باطن يليه هاته المسلمه المعرفيه لدى التاويليين تكاد تختفي ضمن
اكسيومات التفسيريين لسبب بسيط هو تلك الازمه السياسيه التي عرفها الاسلام في فجره مباشره بعد
انتقال الرسول الاكرم ( ص ) الى رحمه الله من خلافه ابي بكر والجدالات العقديه
والسياسيه التي عرفتها سواء في السقيفه او في المسجد النبوي وطبعا هذه الازمه كان يجب
التغلب عليها باعتماد ظاهر الحال وظاهر المال لاضفاء الشرعيه الدينيه على ما حدث صحيح ان
المستند لم يكن شرعيا في البدايه لان ابا بكر في مقام احتجاجه على الانصار اشار
الى اوسطيه قريش بين القبائل وبالتالي فان الطاعه تكون متحققه بخلاف لو تسلم السلطه غير
قرشي لان الاقتتال سوف يكون على اشده وخصوصا ان راسي الانصار كانوا من الاوس والخزرج
وهما قبيلتين شديدتي العداوه فيما بينهما فقد قال ابو بكر: ” ولن تعرف العرب هذا
الامر الا لهذا الحي من قريش هم اوسط العرب نسبا ودارا” وبالفعل تم توليه ابي
بكر بدون رضا من سعد بن عباده الذي قال فيه عمر بن الخطاب ” قتل
الله سعد بن عباده ” ( 1 ) فكان القرار السياسي هو الباس هذا الحكم
لبوسا شرعيا مما دفعهم الى تبني المصدر التشريعي الثالث وهو الاجماع لاخراس المعارضه .
نفس المعتمد الظاهري تم تبنيه على مستوى القران الكريم حيث عمد الخليفه عثم ان بن
عفان الى توحيد ما سمي بالقراءات واحراق غيرها من المصاحف والتي كانت تحتوي على قراءات
تاويليه ثريه جدا كما مصحف عبد الله بن عباس وربما القصه كما يرويها علماء القران
كجلال الدين السيوطي تحمل اكثر من معنى.
ففي كتابه ” الاتقان في علوم القران ” نجد العلامه السيوطي ينقل القصه على التفصيل
الاتي:
” قال الحاكم: والجمع الثالث هو ترتيب السور في زمن عثم ان. روى البخاري عن
انس: ان حذيفه بن اليمان قدم على عثم ان وكان يغازي اهل الشام في فتح
ارمينيه واذربيجان مع اهل العراق فافزع حذيفه اختلافهم في القراءه فقال لعثم ان: ادرك الامه
قبل ان يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فارسل الى حفصه : ان ارسلي الينا الصحف ننسخها
في المصاحف ثم نردها اليك. فارسلت بها حفصه الى عثم ان فامر زيد بن ثابت
وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثم
ان للرهط القرشيين الثلاثه : اذا اختلفتم انتم وزيد بن ثابت في شيء من القران.
فاكتبوه بلسان قريش فانه انما نزل بلسانهم ففعلوا. حتى اذا نسخوا الصحف في المصاحف رد
عثم ان الصحف الى حفصه وارسل الى كل افق بمصحف مما نسخوا وامر بما سواه
من القران في كل صحيفه ومصحف ان يحرق.” ( 2 ) وكان من الصحف التي
تم احراقها مصحف عبد الله بن عباس والاشكاليه تتجلى في انه من المصاحف الحامله للسان
القرشي مما يجعل احراق هذا المصحف راجع لسبب اخر الا وهو التاويل الذي كان به
يقرا القران الكريم فالنصيه التي حرص عليها عثم ان بن عفان تنظر الى عمليه التاويل
على انه انحراف عن المسار وخصوصا ان القراءات المختلفه على الالسن المتكثره اضحت شبيهه بالفرق
الضاله من يهود ونصارى.
بل والاكثر من ذلك ان الرسول عليه الصلاه وعلى اله حسب الروايات المستفيضه والمعتبره عند
العلامه جلال الدين السيوطي تشير الى ان القران نزل بسبعه احرف وبان الرسول ارتضاه من
طريق للتوسيع على الامه فمن اي وجه يتحقق صحه ما نحى اليه عثم ان بن
عفان. افلا يعتبر تصرفه ضربا لتشريع الرسول عليه الصلاه وعلى اله.
ملاحظه اخيره تنجر الى اخواتها وهو انه لم يحفظ لنا تاريخ الاديان المقارن واقعه اختلاف
القراءات عند اليهود والنصارى او حتى تلاوه الكتاب المقدس عندهم لان التحريف الذي يتحدث عنه
القران الكريم تحريف اولي وقع في النسخه الاصليه لتنجر بطبيعه الحال الى مجموع النسخ الماخوذه
عنها فالكلام واضح التهاتر. واذا ما اردنا ان نجاري الراوي في قصته فانه نقول بان
البروتستانت يلغون جزءا من العهد القديم على اساس انه ليس من الكتاب المقدس بخلاف الكاثوليك
لكن هذا الصراع الكتابي لا يمكن ان يفسر على انه اختلاف في التلاوه .
رب قائل الى ان الراوي يلمح الى ان الاختلاف يشمل الفهم وبان القراءه اريد لها
الفهم في هذا المقام فاننا نرد عليه على ان توحيد ( الحروف ) لن يؤدي
بالضروره الى توحيد الفهم ولا باس ان نعاين مجموع الكتب التفسيريه لنلاحظ هذا الاختلاف.
نحن هنا لسنا بصدد محاكمه اي شخص لكن فقط ما نود التنويه له هو ان
الانحراف الذي تعرفه البنيه الفوقيه للمجتمع سواء فيما يخص السلطه السياسيه او السلطه المعرفيه تؤثر
كثيرا على الثقافه العامه للمنطقه وهذا عين ما حدث بحيث تحولت المعرفه الدينيه الغالبه الى
معتقد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وبالتالي فان ” الاخر ”
اجنبي عن الموقع الموجود فيه ” الانا ” وبما ان ” الانا ” مؤمن بالضروره
فان ” الاخر ” كافر بالضروره او في احسن الاحوال عاص وهذه من مطلقيات العقل
النصي ذي الفهم الاولي لذلك كثيرا ما نقف على خطاب تفسيقي للغير دون محاوله فهم
اطروحته على اساس موضوعي بل قد يصل الحد الى استعمال اسلوب التهكم والاستهتار بافكار باقي
الفرق الاسلاميه وفي الغالب تحريف ارائهم بقصد دفع القارئ الى التقزز والاشمئزاز ونبذهم على الاطلاق
وطبعا هذا الاسلوب يظل غير سليم بالمره وان كان يدل على شيء فهو يدل على
ضعف المعتقد بحيث ان المؤمن لا يستسيغ قراءه راي المخالف قراءه موضوعيه وحياديه مخافه ان
يهتز ايمانه فيقوم الى اصدار الفتاوى التكفيريه واحراق الكتب على امل ان يحافظ على معتقده
ومعتقد اتباعه.
وباطلاله بسيطه على التاريخ الاسلامي سوف يقف القارئ على هكذا سلوكيات وطبعا هذا التصرف يظل
مثبتا لمعالم الحديه التي يتصف بها البراديغم النصي التبسيطوي.
اما البراديغم التاويلي فهو ينطلق من مبدا عدم الوصول الى الحقيقه بمشتملاتها الكامله ما دام
لكل حقيقه باطنا يخصها يصل اليه الراسخون في العلم مما يجعل من الحيز الضيق الموروث
عن التفسيريين اكثر اتساعا عند اصحاب الطرح التاويلي وارحم بالمسلمين.
وان الامام علي بن ابي طالب عليه السلام هو راس هذا التوجه التاويلي فقد عمل
على تصويب الوضع الفكري الديني عندما عمد الى اعاده تثبيت نخبه فكريه وسياسيه من اصحاب
التاويل ” اعاد الامام علي الاعتبار لنظام الدوله الاسلامي وقام بتفعيله بتفعيل مشروع تعليم القران
المؤول الذي ينتج فقهاء التاويل الذين مثلوا هيكليه النظام السياسي المسؤول عن حركه الامه وتطورها
نحو اقامه الكتاب: (لستم على شيء حتى تقيموا (..) ما انزل اليكم من ربكم)68/5 فتبوا
فقهاء التاويل في عهد الامام علي مقامات قياديه . فاستعملهم على الامصار وعلى التعليم وفي
سلك القضاء بعد ان عزل العمال والقضاه الذين ينتمون للعهود البائده وطردهم من المساجد. ويمثل
ابن عباس نموذجا لولاه علي(ع) فقد نصب واليا على البصره فكان الى جانب ذلك يعلم
الناس في مسجدها تاويل القران فخرج افواجا من الفقهاء ومارس القضاء بين الناس مستندا في
احكامه الى القران المؤول. ” ( 3 )
مما اعطى دفعه كبرى للفكر الديني في حينه وربما لو استمر الامر الى حينه لما
كان العالم الاسلامي يعيش ازمه حضاريه كما هو وضعه الان.
ومحاوله منا في الايجاز نظن بانه اضحى من الضروري العكوف على بحث التاويل كمدماك معرفي.
غالبا ما يوضع هذا العلم قباله النص القراني ليشير على العموم الى محاوله تفسير القران
بالراي خلاف الطرح السلفي الذي يرى تفسير القران بالماثور الا ان هذا الماثور وهنا اس
المعضله المعرفيه انتقائي ولا يهتم بقراءات بعض الصحابه المشهود لهم بالعلم والورع كعبد الله بن
عباس وعبد الله بن مسعود وعلي بن ابي طالب التاويليين بامتياز مما يجعل ادعاء تفسير
القران بالماثور موضوع نقاش. ونحن في هذا الباب سوف نعمد الى عرض تصور تاويلي اسلامي
كما اتانا من التراث قبل ان ننتقل الى اجراء توصيف تاريخي للتاويل في المدرسه الغربيه
خاتمين البحث بمجمل ملاحظات نظنها كفيله بتكوين نسق عقدي منفتح.
التصور الاسلامي للتاويل:
يرى سماحه الشيخ احمد البحراني بان المسلمين تعلموا التاويل مما جعلهم يتسلمون خزائن الكنوز المعرفيه
المتمثله في ايات الكتاب الحكيم وترددت اصداء كشوفاتهم المعرفيه في نصه وبرزت خلافه الانسان بانتاج
خطابه مع الحفاظ للقران بمقام التصديق على الخطاب المتولد منه او من النص النبوي بوصف
الرسول عليه الصلاه وعلى اله الترجمه التطبيقيه للنص القراني في اجلى صورها. ومن هنا يتحقق
فهم الايه القرانيه الكريمه ” فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله ورسوله” ( الايه
) والرد الى الله رد الى كتابه والرد الى الرسول رد الى شخصه او سنته.
وهذا عين الواقع التاويلي.
والنظر الى كتاب الله من جهه النزول التاويلي يؤدي بالضروره الى انتاج ايات غير قابله
للحصر مما يؤدي الى الاحاطه الكامله بالواقع الذي يضمن تلك الحركه التلاقحيه مع المستجدات وهذا
التاويل يمارس على اساس اليه نسخيه على ايات القران الكريم بمعنى استنطاق النص القراني من
داخله ببعضه البعض بل ويكفل خطا معرفيا مفتوحا بين الانسان وربه كما يعبر في الحديث
الشريف ” اذا احب احدكم ان يحدثه ربه فليقرا القران ” ومن خلال هذا الخط
المعرفي يطلع الانسان على الكثير من الحقائق المعرفيه ليكون القران بلوره في عالم النبوءه لها
القدره على ان تري مستنطقها حقيقه الاحداث في الابعاد الزمنيه المختلفه .
” وهذه الطريقه المنهجيه التي يمثلها التاويل كمنهج استنطاق تحصن عمليه البحث في الخطاب من
الثغرات التي يمكن ان تتسلل عبرها اهواء الباحث فتلاحق الايات وترادفها لتجيب كل منها على
الشبهه التي تطرا على الايه قبلها فتحجب الهوى وتصده عن الدخول كموجه لايات الخطاب. بهذه
الطريقه يتضح ان ليس للباحث نصيب منها الا بمقدار التعقب والتتبع والاصغاء للقران الناطق ليكون
الحكم لله. يضاف الى ذلك ان التاويل يكفل توحيد الافكار المستنبطه من الكتاب بنفي الاختلاف
المعبر عن التناقض لان العمليه التاويليه اذا ما وقعت في الخطا نتيجه تفويت الباحث لايه
معينه تنسخ النتيجه النهائيه التي توصل اليها. فان للمتدبرين الاخرين القدره على الاشاره الى تشابه
النتيجه المنتهى اليها والمتشابه لا يعمل به ولا بد من احكامه بنسخ التشابه بالايه المفوته في التركيب.” فهو منهج محكم
لا يترك الباب مفتوحا من اجل التخبط او ادخال الاهواء في القراءه التاويليه بل هو
منهج محصن لجسم الخطاب بل حتى انه يسمح للغير بتقويمه على اساسه نفس النهج المتبع.
وهذه من كمالات المنهج التاويلي.
بقيت الاشاره الى ان التاويل كاليه وطريقه لها قواعدها وشروطها ممكنه للحركه الداخليه للخطاب حركه
منهجيه . وفحوى هذه القواعد تتلخص في جعل الخطاب القراني هو الذي يملي عمليه التغيير
في خطاب قراني اخر فالتغيير نتاج ايحاءات الايات تجاه بعضها البعض وعبر المزاوجه بين الايات
ويظل جسم الخطاب القراني هو الشاهد على سلامه النتاج. حينها يتجلى قوله تعالى: (لو كان
من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)82/4 ” حيث التحدي القراني الكامن في هذه
الايه يتلخص في ان الايه القرانيه اينما وجهت بلحاظ الايات الاخرى الناظره لها والمرتبطه بها
بعلاقه ابدال او اكمال او تقديم وتاخير او حذف او تغيير في الشكل او الاعجام
فان التصريف لا يؤدي الا الى فكر سديد وعلم جديد لا يمكن ان يتناقض او
يختلف. وهو ما يجعل كلام الله يتميز عن كلام البشر وحينها يظهر ان وراء القران
قدره خارجه عن نطاق الطاقه البشريه وتتجاوزها الى حد الاعجاز مما يدل على ربانيه مصدره.”
فكما هو معلوم ان القران قد قسم اياته الى محكم ومتشابه وانه لكي يتبين المعنى
لا بد من رد المتشابه الى المحكم قد تحقق الفهم. وليس بخفي ان ربط معرفه
الناسخ والمنسوخ وبين تاويل الخطاب على وجوه كثيره . فارجاع الايات المتشابهات الى الاخر المحكمات
يؤدي الى نسخ التشابه وتصرف الايات الى وجوه. بهذا ينجلي الاطار العام للتاويل باعتباره منهجا
للاستنباط من الكتاب
هذا مجمل تصور الشيخ احمد البحراني والذي اثرنا تعقبه في عمومياته لانه تصور جامع لمجموع
النظريات التاويليه الاسلاميه التي ظهرت الى تاريخه.
احببنا ان نطرحها كتصور اسلامي مبدئي لعمليه التاويل وكيف تنضبط هذه العمليه وايمانا منا بضروره
الاستفاده من عطاءات العصر الحديث من نظريات مشابهه سننتقل الى عرض تصور غربي لعمليه التاويل
قبل ان نختم البحث بمنظور نقدي شمولي نراه والله اعلم كفيلا بتركيب نسق عقدي منفتح.
التصور الغربي للتاويل:
بدات الهيرمنيوطيقا او علم التفسير ( نصر حامد ابو زيد ) او الفساره ( مشير
باسيل عون ) كمصطلح قديم طريقها داخل دوائر الدراسات اللاهوتيه العامه كجهاز من القواعد والمعايير
التي يجب ان يتبعها المفسر لفهم النص الديني ( الكتاب المقدس ) ( 4 )
وظلت اليه داخلدينيه على الاقل لدى اللاهوت البروتستانتي لمده من الزمن حتى اتى المفكر الالماني
الشهير في اوساط رواد الهيرمنيوطيقا شلايرماخر ( المتبني للموقف الكلاسيكي ) الذي نقل المصطلح من
دائره الاستخدام اللاهوتي ليكون علما ودربه لعمليه الفهم وشروطها في تحليل النصوص ( 5 )
ومجمل نظريه هذا المفكر متركزه على اساس ان النص هو وسيط لغوي ينقل فكر المؤلف
الى القارئ وبالتالي فهو يشير–في جانبه اللغوي–الى اللغه بكاملها. ويشير–في جانبه النفسي–الى الفكر الذاتي لمبدعه والعلاقه بينهما جدليه صرف ( 6 ) وانه كلما تقدم النص
في الزمن صار غامضا بالنسبه لنا وصرنا اقرب الى سوء الفهم منه الى الفهم. وعلى
ذلك لا بد من قيام علم يعصم القارئ من سوء الفهم مهما تقدم الزمن لذا
ينطلق شلايرماخر لوضع قواعد الفهم من تصوره لجانبي النص اللغوي والنفسي. فيحتاج المفسر للنفاذ الى
معنى النص الى موهبتين الموهبه اللغويه والقدره على النفاذ الى الطبيعه البشريه ( 7 ).
فهناك وفي اي نص جانبان: جانب موضوعي يشير الى اللغه وهو المشترك الذي يجعل عمليه
الفهم ممكنه وجانب ذاتي يشير الى فكر المؤلف ويتجلى في استخدامه الخاص للغه . وهذان
الجانبان يشيران الى تجربه المؤلف التي يسعى القارئ الى اعاده بنائها بغيه فهم المؤلف او
فهم تجربته دونما احترام لاوليات الاعتبار بمعنى يمكن للقارئ ان يبدا من الاستعمال الخاص للغه
كما يمكنه ان يبدا من الفهم المشترك فكليهما يؤدي الى الاخر. ( 8 )
والعمليه تتاسس على اعاده القارئ بناء تاريخيه موضوعيه للنص وهي عمليه تعتد بكيفيه تصرف النص
في كليه اللغه وتعتبر المعرفه المتضمنه في النص نتاجا للغه . ولهذه البدايه جانب اخر
وهو ما يطلق عليه شلايرماخر اعاده البناء التنبؤي الموضوعي وهي تحدد كيفيه تطوير النص نفسه
للغه .
وللبدء من الجانب الذاتي كذلك له جانبان الاول اعاده البناء الذاتي التاريخي وهو يعتد بالنص
باعتباره نتاجا للنفس اما الجانب الثاني وهو الذاتي التنبؤي فهو يحدد كيف تؤثر عمليه الكتابه
في افكار المؤلف الداخليه . ( 9 )
غير ان اهم مؤاخذه على هذه النظريه هي ان شلايرماخر يضع قانونا لتفسير النص مطالبا
القارئ من ان يتباعد عن ذاته وعن افقه التاريخي الراهن ليفهم النص فهما موضوعيا تاريخيا
حالا نفسه محل المؤلف. وطبعا ثم ه استحاله في حصول ذلك وهنا يتجلى عين رومانسيه
شلايرماخر ( 10 ) والتي سيحاول كل من ديلثي وغادامر تجاوزها كما سوف يتم بيانه
فيما يتبع.
نعم لقد حاول ديلثي ايجاد تفسير وفهم صحيحين في مجال العلوم الانسانيه وذلك في محاولته
الجاده لاقامه العلوم الاجتماعيه على اساس منهجي مختلف عن العلوم الطبيعيه ( بخلاف تيار الوضعيين
) مركزا على فارق جوهري هو ان ماده العلوم الاجتماعيه ماده معطاه–العقول البشريه–وليست مشتقه من اي شيء خارجها بخلاف ماده العلوم الطبيعيه وعليه فان العالم الاجتماعي يجد
مفتاح العالم في نفسه وليس في خارجها. وعليه اساس الفهم الذاتي الصحيح يتجلى في اقامتها
على اساس معرفي واساس بسيكولوجي. ( 11 ) فالاساس المعرفي عند ديلثي يتاسس على التجربه
الذاتيه فهي المقابل للتجربه في العالم الخارجي بالنسبه للعلوم الطبيعيه . والتجربه الذاتيه هي الشرط
الضروري الغير ممكن تجاوزه لاي معرفه ما دام ان هناك مشتركا بين الاحاد من البشر
وعليه يصبح من المتيسر الادراك الموضوعي القائم خارج الذات اذ ان هذا الموضوعي الانساني يحمل
تشابهات من ملامح التجربه الاصليه عند الذات المدركه . ( 12 ) وطبعا هذا الفهم
المؤسس على التجربه الذاتيه وقراءتها كما الشيء الموضوعي راجع للتعبير سواء كان في سلوك اجتماعي
او نص مكتوب.
فمجمل نظريه ديلثي هي ان الهيرمنيوطيقا لا تعني عمليه الفهم لشيء معطى محدد سلفا له
وجود خارجي محايد عن المتلقي الذي يحاول ان يفهم هذا الشيء او النص. ان هناك
بين المتلقي والنص الادبي شيئا مشتركا هو تجربه الحياه هذه التجربه ذاتيه عند المتلقي ولكنها
تحدد له الشروط المعرفيه التي لا يستطيع تجاوزها. وهذه التجربه موضوعيه في العمل. بقيت الاشاره
الى ان تاثير الفيلسوف الكبير ديلثاي على كل من هايدجر وغادامر من الامور الغير الخافيه
وربما ما سيتقدم تبيانه بخصوص هذين الفيلسوفين سيشكل توضيحا لحجم التاثير ولحدوده في نفس الان.
فاما هايدجر فانه كما ديلثاي عمل على سبر منهج يكشف عن الحياه من خلال الحياه
نفسها معتمدا على بعض المفاهيم التي صقلها استاذه هوسرل من قبل الوجودETRE والوجود الانساني فالفهم هو ” قدره ادراك امكانات الذات للوجود في سياق حياه الشخص ووجوده
في العالم ” فالفهم بهذا المعنى اساسي وسابق على اي فعل وجودي. كما انه هو
اساس اللغه والتاويل والتاويل هو عباره عن اضفاء الصراحه على الفهم لان الفهم متقدم على
التاويل فيكون التاويل منبني على اصل الفهم لا العكس. ( 13 )
الواضح ان الهيرمنيوطيقا عند هايدجر هي فن لفهم الوجود بما هو موجود وغير منبنيه على
اوليات منهجيه صارمه كما هي مفصله عند ديلثي والملاحظ ان الفيلسوف الالماني غادامر قد نهج
نفس نهج دلثي وهايدجر على التفصيل الاتي.
فالفهم عند غادامر لا يشير الى علم التاويل او قواعده ولا الى المنهج المعرفي للعلوم
الانسانيه كما هو عند ديلثي انما هي فعل فلسفي نواته: كيف تتيسر عمليه الفهم وتكون
ممكنه ؟ ثم ما هو الفهم؟( 14 )
فغادامر يرى بان الفهم فعل تاريخي بمعنى ان النص لا يفهم الا في سياق متطلبات
العصر ولهذا فان الفهم يرتبط دائما بالزمن الحاضر ولا وجود له خارج التاريخ. وان المفسر
له فهم خاص يختص بعصره يجب ان لا ينفك عنه بل لا يستطيع ذلك. (
15 ).
واللغه في هيرمنيوطيقا غادامر هي الوجود الذي ينتظم في اطار الفهم ولهذا فانه يعد الفهم
والتاويل شيئا واحدا.( 16 )والخلاصه ان تفكيك الفهم عن التاويل ما هو الا تصور انتزاعي
وانه لا معنى للفهم والمعرفه بمعزل عن اللغه والتاويل. والفهم يتركز في ثلاثه ابعاد غير
منفصله عن بعضها:
– المهاره العمليه ( وهذه المهاره تم تلافيها في الهيرمنيوطيقا الكلاسيكيه ).
– المهاره الفهميه .
– المهاره التفسيريه .
وفي هيرمنيوطيقا غادامر يوجد اتجاهان لتبيين الفهم بوصفه ظاهره لغويه هما:
اولا: يبدا وصف غادامر للفهم الهيرمنيوطيقي بتحليل ظاهره الحوار فهو يعتقد ان الفهم هو شكل
من اشكال الحوار والحادث اللغوي يتحقق عبره الارتباط.
ثانيا: ان السنن الثقافيه تتوافر على صوره اللغه بمفهومها الواسع وتفسير هذه النصوص يعني البدء
بالحوار معها ومن ثم يقع الفهم في اجواء اللغه وميزته هو ” النظم اللغوي”. (
17 )
هذه مجمل الرؤيه التاريخيه للهيرمنيوطيقا في العالم الغربي وباختصار شديد لم يؤثر على فحوى النظريه
عند كل مفكر.
لا يخفى على القارئ ان بعض التنظيرات هي عاريه من المكنه العقليه في المقاربه وربما
هذا راجع لغالبيه النزعه الرومانسيه على الفتره التي تم فيها كتابه نظريه المفكر اللاهوتي الكبير
شلايرماخر هذه النقيصه التي دفعت بالفيلسوف ديلثي الى ان يتطرف في محاولته للعقلنه المطلقه من
اجل قراءه العالم والانسان.
صحيح ان كلا التوجهين له نصيب من الصحه في المقاربه العلميه الا ان كليهما يحمل
في ذاته بذره موته ولهذا نجد بعض المفكرين طفقوا يبحثون عن اسلوب تلفيقي توافقي من
اجل الخروج بنظريه تاويليه متماسكه وافضل من نجح في هذا الباب هو الفيلسوف الفرنسي ريكور
حيث اسس منظوره على التوفيق بين الملكه التاويليه التي تحدث عنها شلايرماخر والعقل التاويلي الذي
سعى الى تقعيده الفيلسوف ديلثي.
فبول ريكور الفيلسوف الفرنسي الموسوعي والمتمكن من ماده بحثه عمد الى اجراء مصالحه كبيره بين
التيارين الفكريين الغربيين على اساس ميوله الفكريه والتي تركزت على ثلاث مدارس فلسفيه تاثر بها
كثيرا ” الا وهي مدرسه تفكر الذات ( الذات العاقله ) في الذاتPHILOSOPHIE REFLEXIVEوهي المدرسه التي انشاها فيخته وسار عليها جان نابير ومدرسه علم الظاهرات او الفلسفه الظاهراتيه
( الفينومينولوجيا ) التي اسسها هوسرل وانتمى اليها هايدغر من بعد ان طوعها لخدمه البحث
عن معنى الكينونه في الانسان اولا ومن ثم في اللغه واخيرا في الكينونه عينها ومدرسه
الفلسفه التحليليه الناشطه في الفضاء الثقافي الانكلوساكسوني” ( 18 ) دونما ان نغفل الاشاره الى
الطريقه التي يدمج فيها هاته المدارس الثلاث حيث يتخذ خط فلسفه التفكر الذاتي الذي يتحرك
قصدا في نطاق الفلسفه الظاهراتيه ليضحي الجميع تعبيرا هيرمنيوطيقيا اخر لهذه الفلسفه الظاهراتيه . (
19 )
فريكور والذي وجه انتقادا الى طريقه هايدغر لمقاربه الوجود والكينونه مسميا اياها بالسبيل القصير
( 20 ) استعاض بطريق جديد اسماه بالطويل مبينا اياه: ” ان الطريق الطويل الذي
اقترحه يطمح هو ايضا ان يبلغ بالتفكر الى مستوى الانطولوجيا ( علم الكينونه او علم
الوجود ). ولكنه يبلغ اليه بلوغا متدرجا فيراعي تعاقب مقتضيات علم المدلولات ( السيمانطيقا )
ومن ثم التفكر. وان الشكل الذي افصح عنه في ختام هذا المقطع لا يصيب الا
امكان الاتيان بعلم الكينونه مباشر ( انطولوجيا مباشره ) منعتق في الاساس من كل تطلب
منهجي ومنعتق بنتيجه ذلك من دائره التاويل التي ينشئ هو لها نظريتها.” فالواضح ان ريكور
يصر على ضروره الاعتماد الدائم على معطيات اللغه ومعطيات التفكر في الذات العارفه .( 21
)
بقيت الاشاره الى ان هذا الطريق الذي اختاره الفيلسوف ريكور محاولا تجاوز مزالق غادامر الذي
ظل خاضعا لهواجس كل من ديلثاي ( حل مساله اصل العلوم الانسانيه ) وهايدغر (
علم الكينونه ) كانت ناجحه الى اقصى الحدود الا ان ما حاول اخفاؤه هو تاثره
العميق بالمنهج التفسيري الكتابي المعتمد من قبل اللاهوتي الالماني رودولف بولتمان وان كان اشار الى
اطلاعه على كتابات هذا الاخير ( 22 )
صحيح ان منظور الفيلسوف الفرنسي متكامل منهاجيا يجمع بين الذات العارفه الساكنه في صميم الزمان
والمكان واللغه بوصفها جمع رموز ينبغي الامساك بتلابيبها لاستجلاء معناها. وهو عين ما يجب ان
نطمح له كامه تاويل ندرس النصوص الدينيه بنوع من المسؤوليه التاريخيه ودون ان نخل باللغه
الدينيه وبقواعدها الداخليه والخارجيه نقول ان المنهج تكاملي جدير بالاحترام والاخذ بعين الاعتبار الا ان
مساله صغيره تجعله غير مفيد في المجال الذي نحن بصدد التعامل معه وبحثه وهو ان
الذات العارفه ان كان لها محل اعتبار في القراءه الدينيه الا انها يجب ان تاخذ
بعين الاعتبار بعض القراءات الممتازه والتي تظل راسخه غير قابله للتجاوز او الزحزحه من قبل
القراءات النبويه والرساليه وهو ما اغفله كل من ريكور وبولتمان.
حيث انه وبعد ان تقدمنا بعرض موجز لاهم المدارس الفكريه التي اهتمت بالتنظير لنظريه التاويل
يطيب لنا ان نتقدم ببعض النقود عليها من باب استكمالها لا اقل ولا اكثر وهو
بطبيعه الحال عرض لتصورنا للموضوع.
فاهم النقود الموجهه لنظريه التاويل كما هي ظاهره في المدرسه الدينيه والفلسفيه الغربيه يمكننا بسطها
على التفصيل الاتي:
انعدام وضوح معالم تاثير القبليات واهميتها:
ذلك ان التفسير الخاطئ يظل خاطئا بقطع النظر عن القبليات المعتبره وليس بالضروره تغيير القبليات
يؤدي الى الفهم الصحيح. الا اذا تم التحدث عن قبليات قطعيه مشتركه بين المفسرين ووجوبيه
توافرها ليستقيم التفسير. وهذا ضرب نظريه الهيرمنيوطيقا في الصميم.
لان اقصى ما يمكن استفاده الباحث منه هو تعميق البحث بخصوص الموضوع محل التفسير دونما
توجيه من قبله وانه وعلى اساس البحث تتكامل القبليات حتى تصل موطن الاحاطه بالنص المراد
تفسيره وطبعا تكامل القبليات رهين بالرؤى المتبناه من قبل الباحث فالانتروبولجي يرى اولويات القبليات رهينه
بالمساحه المكانيه والزمانيه لنزول النص بخلاف الالسني الذي يرهن قبلياته بتضارب المدارس الالسنيه واللغويه والكل
بخلاف العارف الذي يرهن قبلياته بالعمق الذوقي مع شفافيه القلب حتى يتيسر الكشف. وطبعا مع
هكذا نظريه تظل جميع التفاسير لها مصداقيه صحه وان بشكل نسبي دونما تفرد احداها بالصحه
على الاطلاق.
هذا على مستوى الوجه الاول من النقد اما الوجه الثاني فان القول بتعدد التفاسير على
اطلاقها دونما عقال هو نسف لملاك النص القطعي الدلاله والغير قابل لاي فهم اخر فعندما
يصرح احدهم بان عمرا دخل السوق فهذا له مفاد واحد ولا يمكن القول بتعدد التفاسير
بخصوص هذا المعنى الا اذا سلمنا بخطا باقي المفسرين. او ان الكلمات تحتوي معاني مختلفه
وهذا عين الوقوع في الدور. لان النص ( على الاقل في المستوى الشرعي ) في
الاصل يحمل على قطعيه الدلاله واذا سلمنا بجواز تعدد التفاسير بخصوصه كف ان يكون نصا.
حقيقه التركيز على القبليات تكون له فائده وثم ره فقط في تبيان نفسيه المفسر والتي
ربما تفيد في اعاده قراءه النص المفسر. لكن هذه الثم ره تفقد امام القران الكريم
لان موطن الاعتبار هو حقانيه التفسير لا نفسانيه المفسر فهذه مجالها الخصب هو الادب في
اوسع ابوابه.
وقوع الدور المؤدي للبطلان:
لقد سبق لنا ان نوهنا الى ان المفكرين في معرض تبيانهم لمراحل الهيرمنيوطيقا يختمون بمرحله
ضروره ترجمه النص الى الاطار التاريخي للمفسر. لكن حيث انه يكون من المنطقي ان تخضع
الترجمه نفسها بوصفها منتهى الفهم الاول الى فهم ثاني نكون قد وقعنا في الدور المبطل
للنظريه من الاساس واليكم تفصيل ذلك ان كل فهم ( طبعا وفق الرؤيه الهيرمنيوطيقيه )
يحتاج الى تفسير ولا تتضح دلاله النص على المعنى الا في ضوء التفسير بل ان
النص يتكلم بواسطه التفسير ويلقي بمكنوناته الى الخارج عبر عمليه التفسير اذن لا شك في
ان فهم هذه الترجمه يحتاج الى تفسير هو الاخر مما يؤدي الى حدوث تسلسل سلبي
مبطل فهذه ضربه اخرى للهيرمنيوطيقا من قبل التولد السلبي للافهام اما موطن الدور الحقيقي المتحدث
عليه سابقا فيتجلى في ان كل تفسير بحاجه الى تفسير ايضا مما يجعله مفسرا لما
يليه.
الخلط في المدارك المعرفيه :
الواضح ان تركيز الهيرمنيوطيقيين على القبليات وعلى محوريتها راجع الى وقوعهم في الخلط او ربما
ايقاعنا نحن في الخلط بين المدارك المعرفيه الاوليه والمدارك المعرفيه الثانويه . ومقصودنا بالمدارك المعرفيه
الاوليه هي المدارك المتبناه داخل علم معين مثلا علوم التفسير بوصفها موضوع هذا البحث وبين
فلسفه العلم اي المدارك المعرفيه الناشئه خارج العلم والتي تريد الحكم عليه.
فالهيرمنيوطيقي يريد في بحثه توسيع الدائره بادخال المدارك المعرفيه الثانويه في قلب المدارك المعرفيه الاوليه
وهو امر مستحيل لان المدارك المعرفيه الثانويه لا تهتم بمصداق الحقانيه ولا بمصداق الخطا والصواب
بخلاف المدارك المعرفيه الاوليه التي تجد نفسها امام هذين المحورين الهامين. ومن هنا نفهم تركيزهم
على تعدد التفاسير وعلى ضروره البحث بخصوص الاختلاف ( لا الخطا والصواب ) في المباني
المعتمده . الا اذا صرحوا لنا مشكورين بان مقاربتهم تتجه كليا للمدارك المعرفيه الثانويه دون
نيه ادخالها في المدارك المعرفيه الاوليه وهذا مستحيل لانه عين القول بالتسلسل في الافهام والصحيح
انهم محكوم عليهم بهكذا وضع لان الهيرمنيوطيقا ارادت لنفسها خرق الحدود وضبط المدارك المعرفيه الاوليه
من الخارج وهو امر غير متيسر الا اذا تم تبني الاساس القائل بحاكميه العقل على
النص.
ازمه بؤره معنى النص:
بهذا الخصوص نجد الهيرمنيوطيقي يقع في مطب معرفي اخر لانه يعجز عن تبيان المسلكيه الصحيحه
والكفيله بضمان الخلوص الى بؤره المعنى في النص فان كان يقصد بان بؤره المعنى تفهم
خارج النص ( والظن ان لا ) فهذا دور اخر يوقعنا فيه لان فهم النص
يوجب الاعتماد على خارج النص وهذا عين الدور والحال ان هذا ليس فهما بقدر ما
هو استقراء اما اذا كان من خلال النص ( وهذا هو الغالب ) فكيف نصل
الى البؤره دونما اعتماد قبليات مختلفه بل ومتضاربه حتى فهذا يجرنا ايضا الى ضياع الوصول
الى بؤره معنى النص حقيقه ومتفق عليها هذا اذا سلمنا بان البؤره في غير حاجه
الى فهم اما والحال ان اي نص بما فيه البؤره في حاجه الى فهم وتفسير
فان الدور والتسلسل لن يتوقف فكل بؤره معنى النص تقع للفهم والتفسير بنفس المراحل مما
يجعلها تحتاج بدورها الى بؤره وهكذا دواليك الى اقصى حدود التجزيء. ومن ثم ه نفشل
في الامساك بالبؤره حقيقه وطبعا الكل وفاقا للمنظور الهيرمنيوطيقي.
طبعا هذه كانت بعض وجوه النقد التي وجهناها الى فقه التاويل وانه بتصويبها قد نحصل
على منظور فكري معرفي يساعدنا في تجاوز الكثير من مطبات البراديغم الظاهري التي لا زلنا
قابعين فيها فكيف يكون هذا التصويب؟
التصور الخاص للتاويل:
حقيقه الهيرمنيوطيقا حققت فتوحات فكريه كبيره جدا وخطت خطوات عميقه جدا من اجل تشريح الخطاب
واعاده التعامل معه من جهه التثوير والاثراء الا انها وكغيرها من الانجازات المعرفيه البشريه عرفت
مجموعه من النقائص حرصنا على تبيان بعضها وفق البضاعه المعرفيه الضئيله جدا التي نتوفر عليها
اما النقائص الحقيقيه فربما هي اكثر من ذلك لا زالت خافيه عن انظارنا.
نقول باننا حرصنا على الوقوف عند بعضها وكما هو معلوم بانه بطرح السؤال الصحيح نكون
قد ضمنا نصف الاجابه فاولى المنزلقات متعلقه بالنسبيه الكامله بخصوص التفاسير الموجوده الى حدود الساعه
وثانيها التحدث عن بؤره للمعنى بدون استدلال معتبر وثالثها الحاكميه على مؤلف النص باكثر مما
يقصد وهذا عين السقوط في المصادره عن المطلوب.
وعليه فانه بوقوفنا على وجود مفسر كامل بامتياز ( وهي احدى مصاديق العصمه ) واعتماده
كسقف في التعامل مع الخطاب ربما سيشكل ضمانه من حاله التسيب التي يمكن ان يقع
فيها الهيرمنيوطيقيون يقينا مع ايمانهم بنسبيه جميع التفاسير. نفس الامر ينجر الى بؤره المعنى مناط
التاويل حيث يجب ان نتبع مصداق الخطاب واعتباره العمده وبالتالي نغوص في الخطاب على مستوى
المدارك المعرفيه الاوليه ونبحث فيها عن الحقانيه من عدمها وليس الاخذ بالمدارك المعرفيه الثانويه كما
هو واقع الحال بالاحرى الخلط فيما بينهما كما هو عند الهيرمنيوطيقيين حتى نتجاوز السقطات المعرفيه
التي سبق تسجيلها. اما فيما يخص السقطه الثالثه والتي تدعي فهمها للنص اكثر من مؤلفه
فليس لدينا حل بخصوصها الا من حيث تعقب مراد المؤلف في مجموع الجسم الخطابي دون
ان نستطيع الجزم بمراده ما لم يكن شارح النص معصوم فمن هذه الحاله يمكن لنا
الجزم بمراد صاحب النص ما دامت تقريرات المعصوم حجه صحيح ان هكذا يقينيه متحققه على
اساس الايمان والاعتقاد بعصمه المفسر ولا مصداق خارجي لها الا ان اليقين الوجداني كافي للوصول
الى الخلاصات المتغيى تحصلها لان اليقين حتى الوجداني يظل مغيبا في اطار فلسفه الهيرمنيوطيقا.
صحيح ان مباحث الدليل اللفظي كما هو مطروح عند العلامه الشهيد محمد باقر الصدر بخصوص
الدلاله التصوريه والدلاله التصديقيه الاستعماليه والدلاله التصديقيه الجديه المهيمنه على غيرها من الدلالات لانها تفيد
القطعيه*قد تصب في نفس الخانه وان باختلافات يسيره تهم حجيه الظهور الشيء الذي يرفضه الهيرمنيوطيقيون
من الاساس. لان الفهم الاولي اعتباطي خالي من القبليات المعرفيه المرجوه ( لان القبليه المعتمده
في الظهور هو العرف) لذلك لا ينزعون على هذا الفهم ايه حجيه ما عدا اذا
اعتبروا المدرك العرفي قبليه من القبليات ولعمري هذا متعسر التصديق لسبب وحيد ان القبليات التي
يركزون عليها هي تلك الناتجه عن المخاضات الفكريه والذهنيه الواصله حد العالميه . فهم على
سبيل المثال يصرحون بان عباره السماء تمطر قد تحمل معاني كثيره بخلاف ظاهرها وهذا عين
الظهور العرفي المنقوض من قبلهم.
فقط ولكي نكمل الصوره المقترحه فان ما نقصده بالتاويل هو اكثر من التاويل الذي كان
عند طائفه من القراء اذ المدرسه ” تقوم على نوع من التفكيك المضمر لبنيه النص
ثم ايجاد النظير او المرادف للفظ محل ( الشبهه ) ونقله الى سياق اخر حيث
يستطيع اكتساب معنى اخر. ويعود الى موضعه مجددا في صوره استبداليه . ولا يكفي اليه
المماثله ان تتاطر في المجال الواحد بل قد تخرج لتستدمج مختلف السياقات قران حديث امثال
العرب بل ان العمليه التمثيليه هذه تتجاوز عالم النصوص والكلمات لتقع على عالم الاشياء. ”
( 23 ) بمعنى ان الواقع يكون حاكيا على الخطاب / النص والعكس صحيح مما
يجعل هذا التاويل يتفق مع البعد الاشتقاقي للكلمه اي رد الاشياء الى اصولها.
فالتاويل كما هو عند انصاره يلعب دور” مفجر دائم لمكامن النصوص. فتثوير القران في ضوء
ما سلف يجعل القران يعاصر كل الموضوعات المتجدده ويكشف عن احكامه المختلفه بعدد الاحالات الاستبداليه
التي لا تحص ” (24) لانه خطاب بالضروره منفتح على اكثر من حقبه زمانيه ومن
جغرافيه معرفيه طبعا باستحكام داخلي برد المتشابه الى المحكم ذلك انه ما دام ” كل
معنى جديد يكشفه التاويل يكون بمثابه احكام لمتشابه فانه ياخذ موقع الحكم النسبي للموضوعات المتجدده
. هذا يعني ان الارتباط بالمورد الاول امر مرفوض قطعا لان ثم ه اكثر من
نزول للنص. وكل وجه يكشف عنه التاويل “( 25 ) فالواضح ان التاويل يضمن حيوات
كثيره للنص ويجعله معاصرا بامتياز والحقيقه ان النص القراني بوصفه اكمل النصوص يحمل في طياته
هاته الحيوات الكثيره فقط ينتظر من يستثم ره بشكل فعلي ” فتحميل النصوص بعضا من
المعاني المحدده هو من باب التعاصر الذي تفرضه ديناميكيه النص التي هي ديناميكيه متصله بحركه
الواقع ومتغيرات الظروف ” ( 26 ) فالنص والحال كذلك يتحرك داخل دواليب التاريخ ويخضع
فهمه لقهريات الزمان والمكان مما يجعله نصا مساوقا لحركه المجتمع لكن يجب ان لا يفهم
من ذلك معنى التطاول والتسيب لان الفهم التاريخي للنص راجع ضروره الى رؤيه المؤلف له
فاما ان النص كاشف بنفسه على معناه القطعي الدلاله واما انه متدثر بالظاهر والحال ان
المراد هو الباطن مما يضع القارئ امام ضروره الرجوع الى تفاسير المعصومين كشفا للباطن او
لبواطن النص والا اجتهد اجتهادا من اجل استبطان النص واستنطاقه مستحكما بقواطعه من محكمات لكنه
وفي اي حال من الاحوال ليس له ان يقف عند الظاهر لان ذلك مخالف قطعا
لمراد مؤلف النص.
زبده القول هو ان البحث عن بؤره معنى النص غير متيسر ما لم يكشف النص
عن ذلك والا فان السعي وراء ذلك دونه خرط القتاد اللهم الا اذا صرحنا بموت
المؤلف او ان المفسر يفهم النص اكثر من مؤلفه وطبعا هذا ساقط الاعتبار عندنا. مما
يجعل عمليه البحث عن البؤره دونما كشف كلي من النص ذاته سواء بظهور معنى محكمه
او برد متشابهه الى المحكم وفق نسق تداولي او اضاءه من مفسر ممتاز ( معصوم
) تجني على النص لا اقل ولا اكثر.
وعليه يضحي البراديغم التاويلي الذي نبحث عن تفعيله في هذا المقام هو اليقين بحاكميه صاحب
النص على النص وان التفسير لا يتم الا من داخله بمصداق ظهوره الاولي وتحقق معناه
من خلال الباطن بعرض بعضه على البعض الاخر وبرد متشابهه الى محكمه منتجين نصا ايويا
وفقا للتخريج الهانائي وان اي تفسير متقيد بهذه الضوابط يظل تفسيرا مشروعا ما لم نقف
على تفسير ممتاز مؤسس على المعصوميه عندها نقف امام هذا التفسير من جهه تحقق المعنى
في اجلى صوره او امام مقتضى عقلي كاسر لظهوريه هذا النص وطبعا المقتضيات العقليه المتحدث
عنها لا بد ان تكون متحققه من خلال اعمال العلوم الانسانيه والفلسفيه والكلاميه .
الحقيقه تقال بانه بهكذا جهاز معرفي عائش تاريخه حتى الصميم ومطلع على اخر الانجازات المعرفيه
في مجال العلوم الانسانيه وكذا الفلسفه وعلم الكلام ( اللاهوت ) يمكن ان نضمن استمراريه
تعامل المسلم مع كتاب الله وسنه المعصوم عليه افضل الصلاه والسلام تعاملا احيائيا ونكون بذلك
وفقط بذلك قد ضربنا رزوخيه البراديغم النصي التبسيطوي في الصميم وحققنا فتحا عقديا يستوعب المخالف
بل ويرد مجمل الشبهات والاشكالات الدينيه الكبرى التي تقف في وجه المتدين مرات عده في
يومه.
صحيح ان هذا البراديغم التاويلي الاوسطي لا يسمح بالوصول الى نتيجه واحده لكنه لا اقل
يضع انموذجا ايمانيا عقديا اوضح واسلم لا يخاف من الاسئله الكبرى التي تثار هنا او
هناك ولا يوصد على نفسه الباب مستغشيا بثيابه لانه عيي امامها. فلذلك نعاين تكسر الكثير
من الافكار الدينيه التي استمرت لقرون خلت بسهوله غريبه فقط لانه تم تمحيصها مع ملاحظه
مساله جد هامه وهي ان البراديغم التاويلي الاوسطي لا يؤمن كثيرا بالثوابت والحال انها متغيره
فهو ينظر اليها في حجمها الطبيعي لذلك لا يرى ضيرا في نسف الكثير من الادوات
المفاهيميه بافراغها من حمولاتها التقديسيه والنفخ النفسي لها ليعيد بلورتها على اسس علميه امتن واصلب
مرهونه بصدقيتها اكثر من النظر الى قائلها فعقليه التشخصن قد ولت الى غير رجعه وحلت
محلها الموضوعتيه والقوانين الداخليه المحركه لها. كما انها تتعايش بشكل حضاري مع الانتاج الفكري الانساني
تقلمه وتصقله وتؤسس بنيان فكريا دينيا على اساسه لان الواقع الحالي يرفض سد الابواب وطلب
السلامه فبهذا البراديغم ووحده نضمن الجواب على مجموعه من الاسئله الكبرى التي لا زالت تؤرق
المؤمن من قبل كيف اعيش متدينا في هذا العالم ؟ وماذا يقدم لي تديني من
وصفات لازماتي الكبرى ؟ واين يتجلى وجودي الاكبر في هذا العالم ؟ وكيف يتحدث القران
الكريم الي في الالفيه الثالثه ؟ وكيف يجيب على هواجسي ؟ وكيف ارى الرسول الاكرم
عليه افضل الصلوات وعلى اله والسلام.
فبهكذا براديغم نعي جيدا من اين وفي اين والى اين ولعمري هي راس المساله .
الهوامش:
1 سيره بن هشام المطبوع عن المكتبه العلميه المجلد الثاني الجزء الرابع الصفحتان 184 و
185 ويمكن الرجوع لمجموع المصادر التاريخيه العمده للوقوف على اتفاقها في الاجمال على هذه الصيغه
في الخطاب.
2 جلال الدين السيوطي: الاتقان في علوم القران ضبطه وصححه وخرج اياته محمد سالم هاشم
دار الكتب العلميه سنه 2002 المجلد الاول الصفحه 120.
3 المرجو الرجوع الى مجمل ابحاث سماحه الشيخ احمد البحراني المبثوثه في موقع التاويل.
4 نصر حامد ابو زيد: اشكاليات القراءه واليات التاويل المركز الثقافي العربي الطبعه الخامسه 1999
الصفحه 13.
5 ن.م الصفحه 20.
6 ن.م الصفحه 20.
7 ن.م الصفحه 20 و 21.
8 ن.م الصفحه 21.
9 ن.م الصفحه 22.
10 ن.م الصفحه 23.
11 ن.م الصفحه 24 و 25.
12 ن.م الصفحه 25.
13 مشير باسيل عون: الفساره الفلسفيه بحث في تاريخ علم التفسير الفلسفي الغربي دار المشرق
بيروت ضمن سلسله المكتبه الفلسفيه الطبعه الاولى 2004 ما ضمن هو عصاره ما فصل في
الفصل الخامس من الكتاب المخصص لفساره هايدغر.
14 نصر حامد ن.م الصفحه 42.
15 ن.م الصفحه 42.
16 ن.م الصفحه 42.
17 يرجى الرجوع الى كتاب مشير باسيل عون المنوه به اعلاه بخصوص فساره غادامر وكذا
المقاله الشيقه لاحمد بهشتي
18 مشير باسيل عون ن.م الصفحه 156.
19 ن.م الصفحه 157.
20 ن.م الصفحه 158 وتجدر الاشاره الى ان الفيلسوف الفرنسي وصم فساره هايدغر بالسبيل القصير
لان ” علم كينونه الفهم اذ يعرض عن مناقشات المنهج يحمل نفسه توا الى مستوى
علم كينونه الكائن المحدود ليستطلع فيه فعل الفهم لا كنمط في المعرفه بل كنمط في
الكينونه ويجري الانتقال الى هذا المستوى بتحول مباغت في الاشكاليه . فبدلا من السؤال عن
الشرط الذي به يمكن الذات العارفه ان تفهم نصا من النصوص او ان تفهم التاريخ
يجري السؤال عن جوهر الكائن الذي يقوم فعل الفهم في صلب كينونته.”
21 ن.م الصفحه 159.
22 ن.م الصفحه 160.
*شخصيا عندما احاول الاشاره الى العلامه محمد باقر الصدر تعلوني رعشه لان مقام هذا العلامه
عالي جدا ومستوانا المعرفي الذي لا زلنا نقبع فيه دون المستوى المطلوب مما يجعلني لا
اجرؤ على اظهار منظوره في تفسير النص ومقارنته وان كنا ننصح بالرجوع الى الكتب التاليه
لاهميتها وعلاقتها بالموضوع:
دروس في علم الاصول الحلقات الثلاث خاصه مباحث الدليل اللفظي ضمن الادله المحرزه .
بحوث في علم الاصول للسيد محمود الهاشمي وخصوصا المجلدات الثلاث الاولى المتعلقه بمباحث الدليل اللفظي.
23 ادريس هاني: محنه التراث الاخر النزعات العقلانيه في الموروث الامامي. الصفحه 375 منشورات الغدير
الطبعه الاولى 1998.
24 ادريس هاني: نفس المرجع الصفحه 377.
25 ادريس هاني: نفس المرجع نفس الصفحه .
26 ادريس هاني: نفس المرجع الصفحه 381.