تفسير آيات قرآنيه المحكمات والمتشابهات
كتب بواسطه Sunni فى :اهل السنه , الايمان بالله, العقيده الاسلاميه , تفسير قرءان, حديث,
دروس دينيه اسلاميه , دروس صوتيه
تفسير آيات قرآنيه المحكمات والمتشابهات
الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على سيدنا محمد الامين وبعد ،
فليعلم ان القرءان الكريم فيه ءايات محكمات وءايات متشابهات. قال تعالى : ﴿ هو الذي
انزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشبهات ﴾ [سوره ءال عمران]
والآيات المحكمه هي ما عرف بوضوح المعنى المراد منه كقوله تعالى : ﴿ ليس كمثله
شىء ﴾ [سوره الشورى ءايه /11].
واما المتشابه فهو ما احتمل اوجها عديده واحتاج الى النظر لحمله على الوجه المطابق. فلا
يجوز ان يفسر انسان القرءان برايه بل يسال اهل المعرفه حتى لا يقع في التشبيه
المهلك. فيجب رد تفسير الآيات المتشابهه الى الآيات المحكمه .
فخر الدين الرازي سوره الاعراف: معنى الاستواء والكفر
وبالمناسبه نورد بعض الآيات المتشابهه ونذكر تفسيرها الذي يوافق الآيات المحكمه .
تفسير معنى الفوقيه في حق الله
– قال المفسر شمس الدين القرطبي (ت 671ه) في تفسيره ما نصه: “ومعنى ﴿فوق عباده﴾
فوقيه الاستعلاء بالقهر والغلبه عليهم، اي هم تحت تسخيره، لا فوقيه مكان، كما تقول: السلطان
فوق رعيته اي بالمنزله والرفعه . وفي القهر” انتهى.
– قال المفسر اللغوي ابو زيد الثعالبي (ت 875ه) في تفسير “قوله تعالى: ﴿يخافون ربهم
من فوقهم﴾ [الانعام: 61] ما نصه: “يريد فوقيه القدره والعظمه ” انتهى.
– قال الحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911ه) في “الاتقان في علوم القرءان” ما نصه:
“ومن ذلك صفه الفوقيه في قوله: ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾، ﴿يخافون ربهم من فوقهم﴾ والمراد
بها العلو من غير جهه ، وقد قال: فرعون: ﴿وانا فوقهم قاهرون﴾ ولا شك انه
لم يرد العلو المكاني” انتهى.
قال الله تعالى : ﴿ اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾ [ سوره
فاطر ]. فالمقصود بكلمه ” اليه ” اي الى محل كرامته وهو السماء، فهذا مطابق
ومنسجم مع الآيه المحكمه : ﴿ ليس كمثله شىء ﴾ وهو تفسير صحيح ليس فيه
تشبيه لله بخلقه.
الاتقان في علوم القرءان السيوطيالاتقان في علوم القرءان معنى الفوقيه تفسير القرطبيتفسير القرطبي معنى الفوقيه
تفسير الثعالبيتفسير الثعالبي_1
تفسير آيه الرحمن على العرش استوى
ويجوز ان يقال في قوله تعالى : ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾ [ سوره
طه ] اي قهر وحفظ وابقى العرش ، والفائده من ذلك ان يعلم ان الله
مسيطر على كل المخلوقات لان العرش اكبر المخلوقات حجما. ولا يجوز تفسير الآيه المتشابهه على
معنى لا يليق بالله عز وجل. فلا يجوز ان يقال استوى اي جلس لان الجلوس
لا يكون الا من ذي اعضاء والاعضاء مستحيله على الله. يقول الامام علي رضي الله
عنه : « كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان ». ويقول
ايضا في تنزيه الله عن الجلوس : « ان الله خلق العرش اظهارا لقدرته ولم
يتخذه مكانا لذاته ». رواه ابو منصور البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق. الله خلق
العرش وسائر المخلوقات وكان موجودا قبلها ولا يحتاج اليها، فهو غني عن العالمين. فمن نسب
الى الله الاحتياج او الاستقرار او الجهه او المكان، فقد كفر.
وقال الحافظ احمد بن سلامه الطحاوي في عقيدته التي حكى فيها عقيده السلف : «
تعالى (يعني الله) عن الحدود والغايات والاركان والاعضاء والادوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات
»، وقال : « ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر »، وهذا
بين ظاهر لمن كان له مسكه من العقل.
يقول حسن البنا في كتاب العقائد الاسلاميه : « السلف والخلف ليس بينهم خلاف على
انه لا يجوز حمل ءايه الاستواء على المعنى المتبادر » وهذا الكلام من جواهر العلم.
ءايه الاستواء تحمل على القهر ، او يقال استوى استواء يليق به، او يقال :
﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾ بلا كيف ، اما من اراد التاويل التفصيلي فيقول
قهر ويجوز ان يقول استولى. فيجب ترك الحمل على الظاهر بل يحمل على محمل مستقيم
في العقول فتحمل لفظه الاستواء على القهر ففي لغه العرب يقال استوى فلان على الممالك
اذا احتوى على مقاليد الملك واستعلى على الرقاب. ومعنى : « واستعلى على الرقاب »
اي استولى على الاشخاص اي على اهل البلد.
وليعلم ان الاستواء في لغه العرب له خمسه عشر معنى كما قال الحافظ ابو بكر
بن العربي ومن معانيه : الاستقرار والتمام والاعتدال والاستعلاء والعلو والاستيلاء وغير ذلك ، ثم
هذه المعاني بعضها تليق بالله وبعضها لا تليق بالله. فما كان من صفات الاجسام فلا
يليق بالله.
وقد ذكر الامام ابو منصور الماتريدي في تاويلاته في قوله تعالى ﴿ ثم استوى على
العرش ﴾ [سوره الاعراف] يقول : « اي وقد استوى »، ومعناه ان الله كان
مستويا على العرش قبل وجود السموات والارض ، وبعض الناس يتوهم من كلمه (ثم) ان
الله استوى على العرش بعد ان لم يكن يظنون ان ثم دائما للتاخر ، ويصح
في اللغه ان يقال انا اعطيتك يوم كذا كذا وكذا ثم اني اعطيتك قبل ذلك
كذا وكذا ، فان (ثم) ليست دائما للتاخر في الزمن ، احيانا تاتي لذلك واحيانا
تاتي لغير ذلك ، قال الشاعر : ان من ساد ثم ساد ابوه ثم قد
ساد قبل ذلك جده.
ويروى عن ام سلمه احدى زوجات الرسول ويروى عن سفيان بن عيينه ويروى عن مالك
بن انس انهم فسروا استواء الله على عرشه بقولهم: الاستواء معلوم ولا يقال كيف والكيف
غير معقول . ومعنى قولهم : (الاستواء معلوم) معناه معلوم وروده في القرآن اي بانه
مستو على عرشه استواء يليق به، ومعنى : (والكيف غير معقول) اي الشكل والهيئه والجلوس
والاستقرار هذا غير معقول اي لا يقبله العقل ولا تجوز على الله لانها من صفات
الاجسام، وسئل الامام احمد رضي الله عنه عن الاستواء فقال : « استوى كما اخبر
لا كما يخطر للبشر ».
قال الامام المفسر فخر الدين الرازي (ت 606ه) في تفسيره (سوره الاعراف): اما قوله تعالى
: ( ثم استوى على العرش ) فاعلم انه لا يمكن ان يكون المراد منه
كونه مستقرا على العرش ويدل على فساده وجوه عقليه ، ووجوه نقليه …
اما العقليه فامور :
اولها : انه لو كان مستقرا على العرش لكان من الجانب الذي يلي العرش متناهيا
والا لزم كون العرش داخلا في ذاته وهو محال ، وكل ما كان متناهيا فان
العقل يقضي بانه لا يمنع ان يصير ازيد منه او انقص منه بذره ، والعلم
بهذا الجواز ضروري ، فلو كان الباري تعالى متناهيا من بعض الجوانب لكانت ذاته قابله
للزياده والنقصان ، وكل ما كان كذلك كان اختصاصه بذلك المقدار المعين لتخصيص مخصص وتقدير
مقدر ، وكل ما كان كذلك فهو محدث ، فثبت انه تعالى لو كان على
العرش لكان من الجانب الذي يلي العرش متناهيا ، ولو كان كذلك لكان محدثا وهذا
محال فكونه على العرش يجب ان يكون محالا.
اما الدلائل السمعيه فكثيره :
اولها : قوله تعالى : ( قل هو الله احد ) [الاخلاص : 1] فوصفه
بكونه احدا ، والاحد مبالغه في كونه واحدا . والذي يمتلئ منه العرش ويفضل عن
العرش يكون مركبا من اجزاء كثيره جدا فوق اجزاء العرش ، وذلك ينافي كونه احدا
وثانيها : انه تعالى قال : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانيه ) [الحاقه
: 17] فلو كان اله العالم في العرش ، لكان حامل العرش حاملا للاله ،
فوجب ان يكون الاله محمولا حاملا ، ومحفوظا حافظا ، وذلك لا يقوله عاقل .
وثالثها : انه تعالى قال : ( والله الغني ) [محمد : 38] حكم بكونه
غنيا على الاطلاق ، وذلك يوجب كونه تعالى غنيا عن المكان والجهه .
ورابعها : ان فرعون لما طلب حقيقه الاله تعالى من موسى عليه السلام ، ولم
يزد موسى عليه السلام على ذكر صفه الخلاقيه ثلاث مرات ، فانه لما قال :
( وما رب العالمين ) [الشعراء : 23] ففي المره الاولى قال : ( رب
السماوات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين ) [الشعراء : 24] ، وفي الثانيه قال
: ( ربكم ورب آبائكم الاولين ) [الشعراء : 26] ، وفي المره الثالثه قال
: ( رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون ) [الشعراء : 28] وكل
ذلك اشاره الى الخلاقيه ، واما فرعون لعنه الله فانه قال : ( ياهامان ابن
لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السماوات فاطلع الى اله موسى ) [غافر : 36
، 37] فطلب الاله في السماء ، فعلمنا ان وصف الاله بالخلاقيه ، وعدم وصفه
بالمكان والجهه دين موسى وسائر جميع الانبياء ، وجميع وصفه تعالى بكونه في السماء دين
فرعون واخوانه من الكفره .
واذا ثبت هذا فنقول : قوله : ( الذي خلق السماوات والارض ) آيه محكمه
داله على ان قوله : ( ثم استوى على العرش ) من المتشابهات التي يجب
تاويلها ، وهذه نكته لطيفه ، ونظير هذا انه تعالى قال في اول سوره الانعام
: ( وهو الله في السماوات ) [الانعام : 3] ثم قال بعده بقليل :
( قل لمن ما في السماوات والارض قل لله ) [الانعام : 12] فدلت هذه
الآيه المتاخره على ان كل ما في السماوات فهو ملك لله ، فلو كان الله
في السماوات لزم كونه ملكا لنفسه ، وذلك محال فكذا ههنا .
فثبت بمجموع هذه الدلائل العقليه والنقليه انه لا يمكن حمل قوله : ( ثم استوى
على العرش ) على الجلوس والاستقرار وشغل المكان والحيز ، وعند هذا حصل للعلماء الراسخين
مذهبان :
الاول : ان نقطع بكونه تعالى متعاليا عن المكان والجهه ولا نخوض في تاويل الآيه
على التفصيل، …. والقول الثاني : ان نخوض في تاويله على التفصيل.
