كلام روش
«قاموس روش طحن» كان عنوانا لكتاب ظهر في مصر تضمن كلمات كانت غريبه على آذان
الكبار ولكنها كانت عبارات عاديه لدى الشباب وصغار السن الغريب ان الكتاب باع 200 الف
نسخه في اقل من شهر وتهافت عليه الشباب لشرائه والطريف ان مؤلف الكتاب صحافي شاب
داب على جمع تلك الكلمات الغريبه التي يستخدمها الشباب وجمعها من على المقاهي وورش الميكانيكا
والجامعات.
«الشرق الاوسط» حاولت اكتشاف اسرار هذه اللغه التي تحتوي على الفاظ مثل «فرعه » و
«توتر» و «طحن» و «على الجنط» يقول ياسر حمايه مؤلف «قاموس روش طحن» عندما اعلنت
لاصدقائي انني بصدد عمل مسح لكل هذه الكلمات وجمعها في كتاب سخروا مني وظنوا انني
غير جاد فيما اقول لكنني كنت جادا فيما نويته بخاصه بعد ملاحظتي انتشار هذه اللغه
بين شباب الطبقات الراقيه بعد ان كانت مقتصره في بدايه ظهورها على طبقه العمال البسطاء
حتى نجحت في عمل القاموس الذي احدث ضجه واكتشفت من خلاله ان هذه الكلمات وسيله
ابتدعها الشباب لتكوين عالم خاص بهم بعيدا عن الاهل الذين يحاولون فرض رقابه على ابنائهم
دون ان يعطوهم الفرصه للتعبير عن ذاتهم وفي احيان كثيره تكون هذه اللغه وسيله لجذب
الانتباه بعد ان شعر الابناء بانهم في عالم يبعد عنه الآباء مئات الاميال لا في
المكان ولكن من ناحيه الاهتمام كما اكتشفت ان كل جماعه تضيف لهذه اللغه مفردات تعبر
عنها مثلا عباره «هنج» تعني ان الشخص مرهق وتعبان وفقد تركيزه في الحديث وهو مصطلح
اطلقه العالمون بامور الكومبيوتر وكلمه «على الجنط» وتعني ان الشخص المعني لا يمتلك اي نقود
وهي عباره اطلقتها فئه العاملين في اصلاح السيارات وهكذا.
ويبقى ان اقول انها لغه شعر الشباب باهميتها وهو يتداولها فيما بينه ويتعامل بها لانه
يعلم انها لغه قام الشباب بصناعتها في عصر غاب فيه عن الشاب الاحساس بالابتكار والقدره
على الابداع.
الغريب ان مفردات هذه اللغه التي ظهرت بين الشباب منذ سنوات تتطور وتجدد دماؤها كل
يوم لتظهر العديد من الكلمات الجديده التي يتداولها الصغار فيما بينهم بعيدا عن الذين يراقبون
ابناءهم في احاديثهم الخاصه ومحادثاتهم التليفونيه او عندما يريدون الاتفاق على شيء ليبقى سرا بينهم
رغبه من الشباب في ان يعيشوا حياتهم دون ان يعترض احد خصوصياتهم. ومن بين هذه
العبارات «سيف هذا الموضوع عندك» بمعنى احتفظ بهذا الموضوع سرا بيننا ولا تقله لاحد غيرنا.
وفي مهنه الصحافه يستخدم شباب الصحافيين عباره «هذا الكلام ليس للنشر» بمعنى ان «هذا الموضوع
سر بيننا ولا داعي ان يعرفه احد» وهكذا استطاع الشباب ان يصوتوا لانفسهم لغه تميزهم.
«الشرق الاوسط» التقت بعض الشباب لمعرفه آرائهم تقول سماح محمد (22 عاما): هذا الكلام الذي
نستخدمه فيما بيننا وبين اصدقائنا ويندهش منه الكبار بصفه عامه يعتبر هو لغه العصر الذي
نعيشه فعندما نتحدث الى بعضنا البعض نحاول الاختصار حتى لا يعرف احد معنى كلامي على
سبيل المثال عندما اريد ان اصف فتاه تتمتع بالجمال وخفه الظل والاناقه اطلق عليها «دي
بنت روشه » فهذه الكلمه تختصر كل هذه الصفات ويحدث هذا مع اخوتي حتى لا
يفهم والدي او والدتي ما اقول فنتحدث بلغه خاصه فيما بيننا تبدا بحرف ال «س»
وتنتهي بحرف ال «س» وكانت قبل ذلك تبدا بحرف ال «ر» وتنتهي بحرف ال «ر»
بمعنى ان تضعي الكلمه التي تريدين قولها بين حرف والتحدث بها بسرعه معينه ياتي بالتمرين
عليها.
اما طارق الجوهري (21 عاما) ليسانس حقوق بجامعه القاهره فيقول: ان لفظ «روش» اصبح موضه
قديمه ولا نحب استخدامه فيما بيننا وبين اصدقائنا ومن يتحدث به نعرف انه «بيئه »
وعندما سالته ما المقصود ب «بيئه » قال لي: اي من مستوى اجتماعي منخفض فاللغه
التي تتحدث بها تدل على المستوى الاجتماعي للشخص وتدل على مدى معاصرته للعصر الذي نعيشه
وذلك مثلما يحدث في السيارات فالسيارات آخر موديل من المؤكد ستختلف في شكلها وقيمتها عن
السياره القديمه كذلك اللغه تتغير بتطور المجتمع الذي نعيشه ويصبح لها موديل حديث وموديل قديم.
اما ياسمين عبد العزيز (16 عاما) فتقول: استخدم مع اصدقائي بعض المصطلحات الانجليزيه في تعاملنا
خاصه مصطلحات الكومبيوتر لانها احدث كلمات من الممكن استخدامها حاليا مثل «سيف هذا الموضوع» او
كلمه «اوفر» Over بالانجليزيه للشخص الذي يتجاوز حدوده في الانفعال او الافعال وهناك بعض المصطلحات
نستخدمها ولا نعرف من اين جاءت مثل «على الجنط» واصبحنا نستخدمها في حاله الافلاس من
النقود واشعر بان هذه الكلمات عاديه وغير مستغربه واندهش عندما يوجه لنا الكبار انتقادات بسبب
استخدام مثل هذه الالفاظ الم يستخدموا وهم في مثل عمرنا عبارات معينه كانت تخصهم ولا
يفهمها الكبار في زمانهم؟
وتقول الدكتوره هدى زكي استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعه القاهره ان اللغه تتجدد دائما وبصفه
مستمره ونحن كمجتمع لا نستطيع الاحتفاظ بالمصطلحات القديمه لان التطور سمه العصر الحديث وعلم الاجتماع
لا يصف اي لغه بالانحطاط او الرقي بل يظل محايدا ونحاول دراسه تلك المصطلحات لنعرف
من اين جاءت وكيف ولماذا وكل هذه اسئله نضعها في اعتبارنا عند دراسه تلك المصطلحات
وانا غير معترضه على ان تكون هناك لغه خاصه للشباب للتفاهم فيما بينهم وان يكون
لكل جيل ثقافته الفرعيه او له ثقافه جيليه كما نطلق عليها بمعنى ان الكبار في
السن يتحدثون فيما بينهم بلغه العقل باختلاف الشباب الذين يتاثرون بعصر السرعه الذي نعيشه.
وتضيف د. هدى ان المصطلحات تختلف باختلاف المهن وباختلاف المكان والعمر ايضا فنجد ان الصعيدي
مثلا له مصطلحات خاصه به والفلاح له مصطلحات عندما نستمع اليها نعرف انه من منطقه
معينه كذلك الحرفيون فهذا جزء من الثقافه العامه الناتجه عن النشاط اليومي كذلك الفقراء يستخدمون
لغه خاصه بهم والاغنياء ايضا لغه اهل الجنوب تختلف عن لغه اهل الشمال وكلما تقدم
الزمن تحدث اختصارات في اللغه تعبر عن الحاله فالجيل السابق كان يستخدم لفظ OK او
«وهو كذلك» عند قبول شيء ما او عند الايجاب حاليا يقول الشاب او الفتاه «ماشي»
و«قشطه ».
ومصدر التطور ينتج عن الاحتكاك المباشر بين طبقات المجتمع المختلفه والشباب توجد لديهم مرونه واستعداد
لالتقاط مثل هذه الالفاظ لانهم متمردون بطبعهم ويحبون التطور بصفه مستمره عكس الشباب في الجيل
السابق حيث كان اكثر تحفظا وهذا ينتج عن ايقاع الحياه السريعه فعند المقارنه نجد ان
الشباب في السابق كانوا لا يركبون المواصلات وكانوا يفضلون المشي او كانوا يركبون الحنطور او
الترماي لكن حاليا يركبون السياره ويمشون بها سريعا ويتحدثون وهم يمشون فالشباب حاليا يتحدثون ويكتبون
ويسمعون في آن واحد نظرا للايقاع السريع الذي يعيشونه.
وتقول في فتره من الفترات كانت تنتشر لغه العلم والعلماء وهذا ما نلاحظه في الافلام
القديمه وكانوا «يدخلون» في حديثهم بعض المصطلحات الفرنسيه والانجليزيه مثل «ميرسي» عند الثناء على شخص
ما او كلمه «سبور» وهذا لفظ رياضي بالانجليزيه يطلق على من يتمتع باخلاق الرياضيين المهذبه
كذلك «جنتل مان» وهو لفظ انجليزي يطلق على الشخص المحترم والمهذب وكل هذا يعتبر تسربا
في اللغه سواء من الطبقات العليا للاسفل او العكس ونطلق عليها نظريه «الاواني المستطرقه »
المعروفه علميا وهي تسرب الماء من آنيه الى اخرى كذلك توجد لغه المساجد مثل لفظ
«حاج» او «حاجه » على السيده الكبير او الرجل الكبير.
وعن كلمه «فرعه » و «توتر» في مسلسل «عائله الحاج متولي» بطوله نور الشريف وكلمه
Over التي كان يقولها محمد رياض لاخته ياسمين عبد العزيز في مسلسل «امراه من زمن
الحب» تقول الدكتوره هدى زكي ان هذه المصطلحات تعتبر من اختراع الاعلام والتلفزيون مثلما كان
يحدث في الافلام القديمه والمصطلحات الشهيره للفنان الراحل توفيق الدقن ولكن ليس للمجتع اي دخل
بها فهي متسربه من الاعلام والدراما الى المجتمع واعجبت بعض الفئات واصبحوا يستخدمونها في حديثهم.