كلمات عن ليله القدر
الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اما بعد:
ليله القدر ليله مباركه لها فضل عظيم اذ انزل الله فيها كتابه الكريم الذي لا
ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
قال تعالى:(انا انزلناه في ليله القدر .وما ادراك ما ليله القدر .ليله القدر خير من الف
شهر. تنزل الملائكه والروح فيها باذن ربهم من كل امر .سلام هي حتى مطلع الفجر)
.
وروى البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض القران ويتدارسه مع جبريل عليه
السلام في رمضان وتدارسه مع جبريل مرتين في اخر رمضان من حياته صلى الله عليه
وسلم.
وفي هذه الليله يفرق كل امر حكيم كما قال تعالى: (انا انزلناه في ليله مباركه انا كنا منذرين.فيها يفرق كل امر حكيم)[الدخان :3 4].
في ليله مباركه :كثيره الخير والبركه وهي ليله القدر التي هي خير من الف شهر
فانزل افضل الكلام بافضل الليالي والايام على افضل الانام بلغه العرب الكرام لينذر به قوما
عمتهم الجهاله وغلبت عليهم الشقاوه فيستضيئوا بنوره ويقتبسوا من هداه ويسيروا وراءه فيحصل لهم الخير
الدنيوي والخير الاخروي.
ولهذا قال:{ انا كنا منذرين فيها }اي: في تلك الليل الفاضله التي نزل فيها القران.
{ يفرق كل امر حكيم }اي: يفصل ويميز ويكتب كل امر قدري وشرعي حكم الله به وهذه الكتابه والفرقان الذي
يكون في ليله القدر احد الكتابات التي تكتب وتميز فتطابق الكتاب الاول الذي كتب الله
به مقادير الخلائق واجالهم وارزاقهم واعمالهم واحوالهم ثم ان الله تعالى قد وكل ملائكه تكتب
ما سيجري على العبد وهو في بطن امه ثم وكلهم بعد وجوده الى الدنيا وكل
به كراما كاتبين يكتبون ويحفظون عليه اعماله ثم انه تعالى يقدر في ليله القدر ما
يكون في السنه وكل هذا من تمام علمه وكمال حكمته واتقان حفظه واعتنائه تعالى بخلقه.
انتهى من تفسير الشيخ ابن سعدي رحمه الله.
وهي: ” ليله خير من الف شهر من حرم خيرها فقد حرم” كما ثبت عند
النسائي وغيره.
ولذا حث الشرع على قيام هذه الليله اذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
“من قام ليله القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
كما رغب امته صلى الله عليه وسلم بتحريها في الفاظ متعدده مثل:
تحينوا تحروا التمسوها اطلبوها.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر شد مئزره واحيا ليله وايقظ
اهله كما رواه البخاري عن عائشه رضي الله عنها.
ولقد كان من اعتناء ائمتنا في امر هذه الله ان صنف الحافظ العراقي رحمه الله
رساله مستقله باسم “شرح الصدر بذكر ليله القدر” كما اعتنى الحافظ البيهقي رحمه الله
بها في كتابه “فضائل الاوقات”.
واما تحديدها فقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان راها في المنام ثم
ايقظه بعض اهله فنسيها وفي روايه اخرى في صحيح مسلم عن ابى سعيد الخدرى رضى
الله عنه قال:
اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشر الاوسط من رمضان يلتمس ليله القدر قبل
ان تبان له فلما انقضين امر بالبناء فقوض ثم ابينت له انها في العشر الاواخر
فامر بالبناء فاعيد ثم خرج على الناس فقال:
“يا ايها الناس انها كانت ابينت لى ليله القدر وانى خرجت لاخبركم بها فجاء رجلان
يحتقان معهما الشيطان فنسيتها فالتمسوها في العشر الاواخر من رمضان التمسوها في التاسعه والسابعه والخامسه
“.
ولذلك كان يحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسها في العشر الاواخر فقال:
” التمسوها في العشر الاواخر من رمضان ليله القدر في تاسعه تبقى في سابعه تبقى
في خامسه تبقى” رواه البخاري.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما ان رجالا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
اروا ليله القدر في المنام في السبع الاواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ارى رؤياكم قد تواطات في السبع الاواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الاواخر.رواه البخاري
واما اقوال اهل العلم في تحديدها فهي على سبعه واربعين قولا ذكرها الحفظ ابن حجر
العسقلاني في فتح الباري.
وارجحها كما تدل عليه الادله كونها في رمضان وفي العشر الاواخر منه وفي ليالي الوتر
منه.
واما اخفاؤها فالحكمه من ذلك والله اعلم ان في ذلك خيرا للامه اذ هذا ادعى
للاعتناء بقيام كل الشهر والاعتناء اكثر بالعشر الاواخر وبالوتر منها بخلاف ما لو عرفت بعينها
اذ يحصل الاتكال بقيام هذه الليله بعينها فقط.
وهذا ما يشعرنا به قوله صلى الله عليه وسلم عندما اراد اخبار الصحابه عنها فرفعت
بسبب الصحابه حيث جاء في البخاري عن عباده بن الصامت ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم خرج يخبر بليله القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال:
” اني خرجت لاخبركم بليله القدر وانه تلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى ان يكون خيرا
لكم التمسوها في السبع والتسع والخمس”
فقوله صلى الله عليه وسلم:” وعسى ان يكون خيرا لك: معناه عسى ان يكون اخفاؤها
خير لكم للحث على الاجتهاد والجد في القيام والعباده .
ولقد ارشدنا النبي صلى الله عليه وسلم الى الدعاء في هذه الليله المباركه بان نقول
كما صح في السنن :””اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني” لما روته عائشه قالت
: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : ارايت ان علمت ليله القدر ما اقول
؟ قال :
” قولي : اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني”.
جعلني الله واياكم من الذين لا يحرمون خير هذه الليله واجر قيامها وجمع الله قلوب
المسلمين في انحاء المعموره على كلمه التوحيد وعلى ما كان عليه رسول الله صلى الله
عليه وسلم وصحابتنا من القول والعمل والاعتقاد.
والله اسال ان ينصر من نصر دينه وان يخذل كل من عاداه وان يرد كيدهم
في نحورهم.
والحمد لله رب العالمين.