سيده عجوز لم يترفع الشيب عن استكمال النحت في جسدها حتى هرمت تصطحب ثلاثه احفاد
لها في هذه الايام البارده كل صباح باحثه عن عربه مياه لتملا جراكنها منها وتستطيع
استكمال يومها ان وجدتها تعود سعيده وان لم تجدها يقرر الغضب والهم ان يسكنا جنبات
وجهها النحيف لحين شراء زجاجه مياه واحده فقط للشرب فباقى اغراض المياه يمكن الاستغناء عن
معظمها.. هكذا الحياه بالنسبه لها ولسكان اهل منطقتها واهل مناطق اخرى مماثله لحالها التى يعتمد
اهلها على مياه الجراكن التى يبيعها لهم «تجار الحياه » باسعار مضاعفه استغلالا لازمه المياه
لتى يعانى منها الاهالى مضطرين وان لم يفعلوا ذلك عليهم اللجوء لمياه الخزانات والطرمبات ليحصدوا
منها ما لذ وطاب من الجراثيم والامراض حيث تاتى على راس هذه المناطق «الخصوص المرج
بولاق الدكرور عزبه النخل».. «الصباح» رصدت معاناه اهالى هذه المناطق في زياره سريعه .
الجرى خلف عربه مياه
عربه ماء تمر كل صباح يركض خلفها اكثر من 3 ملايين مواطن بشكل يومى وهم
اجمالى عدد سكان المنطقه وفقا لاخر تعداد لها يتكالب حول العربه عدد لا باس به
من سكان كل شارع في محاوله عاده ما تبوء بالفشل في اقتناص اكثر من «جركن
مياه» لكل اسره والذى يتفاوت سعر الواحد منها من 3 الى 5 جنيات ولم لا
فالمدينه قلما يدخلها الماء وذلك وفقا لما قالته ياسمين سمير احدى سكان المنطقه وهى صاحبه
محل صغير لبيع الحلوى: «الميه بتقطع كل يوم وعشان كده بنجرى كلنا ورا عربيات المياه
اللى بتيجى وناس بتقدر تاخد منها وناس مابتطولهاش عشان الزحمه مع العلم ان عربه المياه
لم تعد تاتى باستمرار الامر الذى دفعهم اللجوء الى استخدام «الطرمبات» وهى بالاساس مياه مالحه
من تحت الارض ولم تمر على عمليه تكرير او تطهير واحده مما يضاعف خطرها على
الاهالى.
شكاوى مهدره
اهالى المنطقه لجئوا لكل الهيئات والمؤسسات الحكوميه في محاوله للشكوى ولكن دون فائده طبقا لروايه
«ام محمد» ربه منزل تخطى عمرها 50 عاما لتوضح معاناتها واسرتها التى وضعت بجانبها كارثه
اخرى مضافه لنقص المياه وهى ان المياه التى يشترونها ملوثه ايضا ما يضطرهم معظم الوقت
لشراء مياه من مناطق اخرى بعيده مؤكده انها بعد التقدم بالشكوى لم تجد من رئيس
الحى الا هزه راس وبعض نظرات العطف ولكن يبقى الوضع كما هو عليه والشكوى لا
تتحرك «صوت لا يرافقه صدى».
ويتفق جميع سكان مدينه الخصوص ومنهم «على ابو عيد» صاحب محل الفول والطعميه بقريه «السقيلى»
على ان طلبهم الوحيد هو ضخ المياه ولو لمده ساعه في اليوم لانها تنقطع لمدد
طويله تتجاوز عده ايام في بعض الاحيان وان ضخت فهى ملوثه بسبب ملوحتها وعدم صلاحيتها
للاستخدام الادمى حيث يستخدمها الاهالى في الغسيل او اغراض اخرى ويضيف: مياه الشرب واعداد الطعام
نشتريها من المحلات والسوبر ماركت باسعار عاليه جدا منتقدا اداء الحكومه قائلا: «ان كانت المياه
تنقطع باستمرار فكيف سيكون الحال بعد بناء سد النهضه الاثيوبى هل سنموت عطشا ونصبح مثل
الصومال».
بولاق تلجا للخزانات
وتضيف هند عبدالعزيز ربه منزل بمنطقه بولاق الدكرور ان المنطقه باكملها تعتمد على مياه الخزانات
المحمله بالجراثيم ويضطر اهالى المنطقه الى استخدامها دون التنفس ببنت كلمه وكيف يتنفسون وتنقطع المياه
عنهم لساعات ربما امتدت لايام متتاليه فاضطروا الى قبول الامر الواقع والتعايش مع المياه المخزنه
خصوصا ان معظم اهالى المنطقه غير قادرين ماديا على انفاق اموالهم على زجاجات المياه المعدنيه
فهناك اولويات تتعلق بالطعام والشراب هى الاولى على الاطلاق.
لصوص المرج
وتؤكد «د. م» مالكه عقار بمنطقه المرج انهم اعتادوا على نقص المياه كذلك فهم اعتادوا
على دفع المبالغ الطائله في «نقطه الحياه » ولكنها اكتشفت ان التجار الذين يشترون منهم
المياه يسروقنها من المنطقه حيث يحفرون صنابير في المنازل التى تاتى لها المياه من وقت
لاخر ويركبون الصنابير في الادوار الاولى الارضيه من العقار ويملئون جراكنهم ليلا وقت نوم اهل
المنزل ثم يبيعونها للاهالى بمبالغ باهظه .
«انقطعت عربات المياه في يوم عن المرور مما اضطر اهالى المنطقه الى تركيب عداد المياه
الذى تكلف اكثر من الف جنيه واعتبر اهالى المنطقه ان هذا المبلغ لا يمثل شيئا
امام سريان المياه في بيوتهم كانوا يتخيلون انهم سيستغنون بعد ذلك عن شراء مياه الجراكن
ولكن للاسف فوجئنا بعد تركيب هذه العدادات ان المياه غير نظيفه وبها رواسب كثيره ولا
تصلح للاستخدام الادمى فقدمنا الشكاوى ولكن دون جدوى» حسب روايات اهالى المنطقه .
توصيل المياه للمنازل
دقات غليظه على باب «هنادى محمد» احدى ساكنات عقار شارع الفتح يطرقها احد الباعه وهو
يحمل جراكن مياه يسلمهم ل«هنادى» ثم يعاود لها بعد دقائق وهو يحمل 2 اخرين فاصحاب
الحال الميسور من قاطنى منطقه عزبه النخل والتى تنقطع فيها المياه بالايام يلجئون الى هذه
الحيله حيث يمر عليهم اصحاب الجراكن «ديليفرى» الى المنزل ويبيعون الجركن ب«7» جنيهات اما غير
الميسورين ومتوسطى الدخل فيمكنهم الجرى خلف سيارات المياه لشراء جراكن عليها ب«3» جنيهات.
اما السبب الرئيسى في قطع المياه عن اماكن بعينها دون الاخرى فهو ضعف البنيه التحتيه
لهذه المناطق فلا تستطيع ان تحتمل ضغط المياه القادمه من محطات الحكومه عليها وذلك بسبب
التوصيلات العشوائيه التى يوصلها الاهالى للحصول على المياه بطرق غير مشروعه ما يؤدى الى اتلاف
مواسير المياه وقطع المياه لايام في هذه المناطق وذلك وفقا لما اوضحه المهندس اسلام خيرى.
ويضيف «خيرى» ان من اهم اسباب تلوث المياه هو ان المواسير لا يتم تنظيفها باستمرار
ولا تطهيرها بشكل دورى كما ان هناك بعض المناطق لا يوجد بها محطات مياه من
الاساس ومن ثم يلجا سكانها لاستخدام «رافع» للمياه الجوفيه وعليه يبدا مافيا المياه في استخراجها
وبيعها لاستغلال اهالى مناطق «المرج وابوزعبل والخانكه وعزبه النخل وبعض مناطق عين شمس والصف واطفيح
وصفط اللبن».