ما هو التعاون؟
التعاون هو مساعده الناس بعضهم بعضا في الحاجات وفعل الخيرات. وقد امر الله -سبحانه- بالتعاون
فقال: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} [المائده : 2].
اهميه التعاون:
والتعاون من ضروريات الحياه ؛ اذ لا يمكن للفرد ان يقوم بكل اعباء هذه الحياه
منفردا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان معه فضل ظهر فليعد به على
من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا
زاد له)
[مسلم وابو داود].
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على معونه الخدم فقال: (ولا تكلفوهم ما يغلبهم فان
كلفتموهم فاعينوهم) [متفق عليه].
والله -سبحانه- خير معين فالمسلم يلجا الى ربه دائما يطلب منه النصره والمعونه في جميع
شئونه ويبتهل الى الله -سبحانه- في كل صلاه مستعينا به فيقول: {اياك نعبد واياك نستعين}
[الفاتحه : 5].
وقد جعل الله التعاون فطره في جميع مخلوقاته حتى في اصغرهم حجما كالنحل والنمل وغيرها
من الحشرات فنرى هذه المخلوقات تتحد وتتعاون في جمع طعامها وتتحد كذلك في صد اعدائها.
والانسان اولى بالتعاون لما ميزه الله به من عقل وفكر.
فضل التعاون:
حينما يتعاون المسلم مع اخيه يزيد جهدهما فيصلا الى الغرض بسرعه واتقان؛ لان التعاون يوفر
في الوقت والجهد وقد قيل في الحكمه الماثوره : المرء قليل بنفسه كثير باخوانه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ اذا
اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: (يد الله مع الجماعه ) [الترمذي].
وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)
[متفق عليه].
والمسلم اذا كان في حاجه اخيه كان الله في حاجته ومن يسر على معسر يسر
الله عليه في الدنيا والاخره والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (وعونك الضعيف بفضل قوتك صدقه ) [احمد].
التعاون المرفوض:
نهى الله -تعالى- عن التعاون على الشر لما في ذلك من فساد كبير فقال تعالى:
{ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} [المائده : 2].
والمسلم اذا راى احدا ارتكب معصيه فعليه الا يسخر منه او يستهزئ به فيعين الشيطان
بذلك عليه وانما الواجب عليه ان ياخذ بيده وينصحه ويعرفه الخطا.
امثله على التعاون
يحكى ان شيخا كبيرا جمع اولاده واعطاهم حزمه من الحطب وطلب منهم ان يكسروها فحاول
كل واحد منهم كسر الحزمه لكنهم لم يستطيعوا فاخذ الاب الحزمه وفكها الى اعواد كثيره
واعطى كل واحد من ابنائه عودا وطلب منه ان يكسره فكسره بسهوله .
*امر الله ابراهيم -عليه السلام- ان يرفع جدران الكعبه ويجدد بناءها فقام ابراهيم -عليه السلام-
على الفور لينفذ امر الله وطلب من ابنه اسماعيل -عليه السلام- ان يعاونه في بناء
الكعبه فاطاع اسماعيل اباه وتعاونا معا حتى تم البناء قال تعالى: {واذ يرفع ابراهيم القواعد
من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم} [البقره : 127].
*ارسل الله موسى -عليه السلام- الى فرعون؛ يدعوه الى عباده الله وحده فطلب موسى -عليه
السلام- من الله -سبحانه- ان يرسل معه اخاه هارون؛ ليعاونه ويقف بجانبه في دعوته فقال:
{واجعل لي وزيرا من اهلي . هارون اخي . اشدد به ازري . واشركه في
امري} [طه: 29-32]. فاستجاب الله تعالى لطلب موسى وايده باخيه هارون فتعاونا في الدعوه الى
الله؛ حتى مكنهم الله من النصر على فرعون وجنوده.
*اعطى الله -سبحانه- ذا القرنين ملكا عظيما؛ فكان يطوف الارض كلها من مشرقها الى مغربها
وقد مكن الله له في الارض واعطاه القوه والسلطان فكان يحكم بالعدل ويطبق اوامر الله.
وكان في الارض قوم مفسدون هم ياجوج وماجوج يهاجمون جيرانهم فينهبون اموالهم ويظلمونهم ظلما شديدا؛
فاستغاث هؤلاء الضعفاء المظلومون بذي القرنين وطلبوا منه ان يعينهم على اقامه سد عظيم يحول
بينهم وبين ياجوج وماجوج {قالوا يا ذا القرنين ان ياجوج وماجوج مفسدون في الارض فهل
نجعل لك خرجا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا} [الكهف: 94].
فطلب منهم ذو القرنين ان يتحدوا جميعا وان يكونوا يدا واحده ؛ لان بناء السد
يحتاج الى مجهود عظيم فعليهم ان ينقبوا ويبحثوا في الصحراء والجبال حتى يحضروا حديدا كثيرا
لاقامه السد قال تعالى: {قال ما مكني فيه خيرا فاعينوني بقوه اجعل بينكم وبينهم ردما}
[الكهف: 95]. وتعاون الناس جميعا حتى جمعوا قدرا عظيما من الحديد بلغ ارتفاعه طول الجبال
وصهروا هذا الحديد وجعلوه سدا عظيما يحميهم من هؤلاء المفسدين.
*كان اول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر الى المدينه هو
بناء المسجد فتعاون الصحابه مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى هيئوا المكان واحضروا الحجاره
والنخيل التي تم بها بناء المسجد فكانوا يدا واحده حتى تم لهم البناء.
وكان الصحابه يدا واحده في حروبهم مع الكفار ففي غزوه الاحزاب اجتمع عليهم الكفار من
كل مكان واحاطوا بالمدينه فاشار سلمان الفارسي -رضي الله عنه- على النبي صلى الله عليه
وسلم بحفر خندق عظيم حول المدينه حتى لا يستطيع الكفار اقتحامه. وقام المسلمون جميعا بحفر
الخندق حتى اتموه وفوجئ به المشركون ونصر الله المسلمين على اعدائهم.