كلام عن الطيبه
الطيبة صفة جميلة محببة. والانسان الطيب عادة
ما يكون رقيق القلب سخي العواطف صادق النية.
ولانه لا يبخل بالمشاعر والاحاسيس التي يوزعها بسخاء
على المحيطين به سواء كانوا اقرب المقربين او ابعدهم،
فانه غالبا ما يتهم بالسذاجة وربما الغباء. ولا يبدو الامر
غريبا في عصر احتل فيه النفاق الاجتماعي مرتبة الزيادة
بين باقي الصفات والخصال المطلوب توفرها لدى الرجل
والمراة العصريين.
وما اكثر ما سمعنا الناس يرددون بان الطيبة والنية الحسنة
الشفافة اشياء من مخلفات ايام وزمان وان المرء مجبر،
اذا اراد ان ينجح في حياته العملية والشخصية والاجتماعية،
على ان يرتدي قناع النفاق الاجتماعي ويعرف كيف
يجامل بلباقة رئيسه في العمل وزوجته في البيت واصدقائه
وجيرانه ومعارفه في المناسبات الاجتماعية المختلفة ليس
هذا فحسب بل ان عليه ان يضع الطيبة وما شابهها من
خصال في قنينة يحكم اغلاقها ويرميها في قاع البحر
وينساها. لا مكان في عصرنا للطيبة ولا للنيات الحسنة.
هكذا يقولون.
تريد ان تنجح في حياتك بشكل عام ؟
اذن تعلم كيف تكون انسانا براغماتيا نفعيا. دع العواطف
جانبا وفكر في مصلحتك وحسب ولا تكترث ان دست في
سبيل تحقيق هذه المصلحة على بعض المساكين الذين
اساؤوا فهم قوانين اللعبة. لست مسؤولا عن جهلهم.
هكذا يجب ان نفكر.
من الصعب على من يعايش المصائب والماسي التي
تحدث بسبب انانية البعض وزيف وقساوة الاخرين ان
يتوسم الخير في بني البشر. كم مرة سمعنا قريبا او اخا
يترحم على طيبة ناس زمان وهو يضرب كفا بكف ويتعجب
من مكر وخداع اناس اليوم. وفي الحقيقة لم يكن الاشرار
والحاقدون واصحاب النيات السيئة الغادرة غائبين عن ايام
زمان. فالشر والخير وجهان لعملة واحدة تداولتها البشرية
منذ القدم. ولم يخل عصر من نصيبه من النماذج البشرية
الخيرة والشريرة. لكن طبيعة عصرنا التي حولت العالم
الى قرية صغيرة تصطدم فيها المصالح وتتشابك الرغبات..
جعلت صراع الافراد داخل المجتمعات – وعلى مستوى
المجتمعات ايضا – يغدو صراعا محموما ترتكب فيه
الفضائع باسم المصلحة الشخصية ويتنكر فيه الاخ لاخيه
والقريب لقريبه والصديق لصديقه.
ولا ادري ان كان علينا ان نستسلم لهذا الوضع!!…
اذا اخذ كل شخص حذره من الاخرين وتعامل معهم
– لن اقول تعامل انسان الغاب مع المحيطين به فصراع
الغاب مهما بلغت وحشيته صراع صريح مكشوف لا
نفاق فيه ولا خداع مبيت – اقول تعامل معهم بغدر
وخيانة،اذا فعل الجميع ذلك ستصبح شخصيته وسط
الاقنعة العديدة التي يواري نفسه خلفها. ستصبح حياتنا
جميعا كذبة كبيرة. ولا اتمنى لنا مصيرا كهذا.
قد يكون الكثير من الناس فقدوا روحهم الطيبة وتعودوا
على التعامل مع غيرهم بدناءة ولؤم لكن ذلك لا يعني
ان الحالة عامة. ثم ة قلوب طيبة كثيرة تخفق في الخفاء.
كم منا فوجئ مرة بل مرات باشخاص فقراء او اغنياء،
يمدون يد المساعدة لغيرهم يغيرون مسار حياة البعض
ببسمة باشارة بكلمة طيبة بموقف جميل. ولا يرجون
من وراء ذلك شكرا ولا امتنانا.
القلوب النقية موجودة والقلوب المتعفنة ايضا. والله
منح البشر عقلا لكي يفكروا به ويدركوا اين خلاصهم واين
سعادتهم ايضا. وسط النقاء…او وسط العفونة ؟!